الأربعاء، 17 مايو 2023

سيد أمين يكتب: لماذا اعتقلوا عمران خان.. ولماذا أفرجوا عنه؟

 

 ليس هناك أي جديد غير متوقع في مسألة اعتقال رئيس الوزراء الأسبق ولاعب الكريكيت الشهير عمران خان من مقر المحكمة العليا في العاصمة إسلام أباد، الثلاثاء الماضي، ثم الإفراج عنه بعد اضطرابات شعبية خطيرة وصفت بأنها غير مسبوقة منذ تأسيس الدولة.

فأمرا الاعتقال والإفراج جاءا كما هو متوقع تمامًا، فالنية مبيّتة لإقصاء الرجل نهائيًا من الحياة السياسية الباكستانية بعد سعيه التوجه بالبلاد نحو الصين وروسيا بديلًا عن التوجهات التقليدية نحو الولايات المتحدة التي يدين بها معظم قادة الجيش والطبقة القضائية والسياسية المهيمنة.

ليست تلك هي منطقة الارتطام الوحيدة بين عمران والقيادات العسكرية التقليدية، ولكن هناك تحديًا آخر اعتزم خان تخطيه من خلال الانفتاح الكامل على حركة طالبان في أفغانستان، ويرى أن نسيج الحركة الأفغانية كما نسيج الشعب الأفغاني كله، هو مكمل طبيعي للشعب الباكستاني، محطمًا التوجهات الأمريكية الخاصة بإحكام حالة الحصار غير المعلن المفروض عليها.

ومن أخطر الخطوط الحمر التي تخطاها عمران خان هو سعيه لتنويع مصادر سلاح الجيش الباكستاني بدلًا من اقتصاره على السلاح الأمريكي والغربي، وبالطبع هذا يعد مؤشرًا خطيرًا في دولة تمتلك رؤوسًا نووية حيث يمكنها أن تمثل تحديًا مباشرًا للغرب يصعب ترويضه مثلها مثل كوريا الشمالية وإيران متى تولى أمرها حاكم له توجهات مستقلة.

أسباب داخلية

وإذا كانت تلك هي الدوافع الخارجية للتخلص منه -حتى لو فشلوا هذه المرة فقد يكررونها مستقبلًا- فإن الدوافع الداخلية هي الأكثر أهمية، وهي أنه جاء لمحاربة الفساد وتمكين الشباب والطبقات الفقيرة من السلطة بعيدًا عن العائلات الأرستوقراطية التي اعتادت على توارثها تقليديًا، يساعده في ذلك انتماؤه إلى قبائل الباشتون وهي القبائل الأكثر عددًا في البلاد.

كما أن الفساد يتفشى في باكستان على نطاق واسع، ويمتد ليشمل القطاعات كافة من الحكومة إلى القضاء والشرطة والخدمات الصحية والتعليم، لدرجة أنها تذيلت مؤشرات الشفافية في العالم كافة جعلت بعض مؤسسات المراقبة الدولية تعتقد أنه في المدة من 2008 إلى 2013 أهدر الفساد ما تصل قيمته إلى 100 مليار دولار وهو الرقم الأعلى في تاريخ البلاد.

ولقد تسببت تلك التوجهات في التفاف قطاعات واسعة من الشعب الباكستاني لاسيما الشباب حول الرجل، فعدّوه المخلص من تلك الرواسب كلها التي جعلتهم وبلادهم في حالة اقتصادية مزرية رغم امتلاكهم مكونات النجاح كافة من ثروات متنوعة، وقدرات علمية وعسكرية، وثروة بشرية، وموقع جغرافي ممتاز، وغير ذلك، ولعل تلك الشعبية هي ما زادت من الإصرار على ضرورة التخلص من عمران خان نهائيًا.

النية مبيّتة

هذه هي الأسباب الحقيقية وراء اعتقال الرجل، وليس تلك الأسباب الهزلية التي تتحدث عن قضايا فساد وبيعه ساعات تلقاها هدايا إبان فترة رئاسته للوزراء بقيمة 600 ألف دولار، وهي الواقعة التي حتى في حال صحتها -وهي غير صحيحة في الأغلب- مبلغ ضئيل لا يمثل حصيلة فساد رئيس مجلس مدينة في باكستان نفسها أو في أي دولة من دول العالم الثالث وليس رئيس وزراء.

تسلسل الأحداث يؤكد سوء النية منذ أن انعقد البرلمان بشكل غير اعتيادي في أبريل/نيسان 2022 ليصوّت على سحب الثقة من حكومته أثناء غياب نواب حزبه الإنصاف “حزب الأغلبية”، وبعد أسبوع واحد من قيام البرلمان ذاته برفض حجب الثقة عنه، بل وتجاهل رئيس البرلمان آنذاك قرار خان بحل البرلمان قبل الانعقاد بساعات.

تلاه حكم مفوضية الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2022 باستبعاده من العمل السياسي لمدة 5 سنوات، ثم محاولة اغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ومحاولة اعتقاله في مارس/آذار الماضي، ومهاجمة الشرطة لمنزله بالأسلحة النارية لولا تصدي أنصاره لهم.

ثم أخيرًا اعتقاله على يد قوات شبه عسكرية من أمام محكمة ذهب إليها في إحدى تلك القضايا العديدة التي رفعت ضده بقصد استخدامها لتغييبه عن المشهد السياسي.

انتخابات البنجاب

ومن مشاهد التعنت ما أصرت عليه الحكومة برفض إجراء انتخابات للبرلمان المحلي لإقليم البنجاب قبل شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو البرلمان الذي كان يسيطر عليه حزب الإنصاف بزعامة خان، وتم حله في إطار الصدام مع الحكومة المركزية في إسلام أباد في يناير/كانون الثاني الماضي.

حجة الحكومة في التأجيل هي عدم وجود موارد مالية كافية لتنظيم تلك الانتخابات المحلية، وإن كان هدفها الأساس هو تجريد عمران خان من مصادر قوته التشريعية في محل نفوذه الأصلي، مخالفة بذلك قرار المحكمة العليا الذي قضى بتنظيم تلك الانتخابات في المدة من 15 أبريل/نيسان الماضي حتى 15 مايو/أيار الجاري.

ولربما قررت الحكومة الانصياع لقرار المحكمة وإجراء الانتخابات في الإقليم، ولكنها رأت أنه من أجل تنفيذ مخططات إقصاء عناصر حزب خان فلا بد لها أن تعتقل الرجل ما يمكنها من أن تجبره على المساومة وإجراء عملية محاصصة بعدها ستجرى الانتخابات ويفرج عنه، أو أن يرفض الإملاءات فيدفع الشارع لمزيد من التصعيد فيتعذر إجراؤها في الإقليم بسبب الأحداث الأمنية، وفي الحالتين فائدة لخصوم خان حتى لو على حساب الوطن.

يبدو أنهم وجدوا الطريقة المناسبة في مسألة انتخابات برلمان البنجاب، ولذلك تم الإفراج عنه منعًا لمزيد من الاضطرابات خاصة بعد انكشاف مخططاتهم شعبيًا.

المهم أن اعتقال خان لم يكن ليدوم طويلًا، لأن دوامه يعني سقوط باكستان في دوامة فوضى تاريخية، وفي الوقت نفسه مخططات إقصائه لم تتوقف أيضًا ولكنهم فقط يبحثون عن الطريقة الآمنة.

هذه عظة بالغة، فعمران خان احتمى بالشعب، والشعب يتدخل كل مرة لحمايته.

اقرأ المقال على الجزيرة مباشر

https://ajm.me/w12uyd?fbclid=IwAR00niZfZwU3Tm_cGLdWkR6a8ARPijpnMWMN2TbIFh8Vx0zVpmMOe-Z0Zjo

ولرفع الحجب انقر هنا

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/5/15/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%88%D8%A7-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%AC%D9%88%D8%A7

الاثنين، 17 أبريل 2023

سيد أمين يكتب: الطرق المعيارية لفهم الحالة السودانية

حالة صدمة تعم الأوساط الشعبية العربية جراء الصدام الدامي بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، لتكون بؤرة الصراع الجديدة في الوطن العربي الذي ما فتئ يهنأ بانتهاء الحرب في سوريا واليمن، وسط حالة ضبابية شبه كاملة حول أسبابها ومخاطرها ومآلاتها.

هناك عدة قواعد قد تساعدنا على فهم ما يحدث في السودان، لعل منها الاطلاع على أسباب تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 بدعم من أجهزة الأمن السودانية لتعويض العجز الذي أصاب الجيش السوداني جراء الحرب الطويلة مع متمردي جون غارنغ المدعوم أمريكيا في جنوب السودان، التي انتهت بانفصال الاقليم.

وكان الدور الأساسي لقوات الدعم هو التصدي لمليشيات الجنجويد الانفصالية في إقليم دارفور، واستطاعت أن تحقق انتصارا كبيرا عليها مما حال دون انفراط عقد السودان، وقامت الحكومة باعتبار تلك القوات تابعة للجيش السوداني، هنا على الفور اتهمت أمريكا تلك القوات بارتكاب جرائم حرب، وفرضت عقوبات على نظام الرئيس عمر البشير.

ومن المدهش أن الفريقين المتقاتلين الآن توحدا من قبل فقط في توطيد الحكم العسكري، تارة بالإطاحة بنظام البشير في 6 أبريل/نيسان 2019، وتارة بالانقلاب على الحكم المدني عام 2021.

النفوذ الأمريكي

من المهم أيضا أن نأخذ في الحسبان أنه قبل إنشاء البشير لقوات الدعم السريع بنحو عقد من الزمن، صنفت الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 على لسان رئيسها جورج دبليو بوش سودان البشير واحدة من “الدول المارقة”، ضمن 11 دولة في العالم تميزت بتمردها على حظيرة التبعية الأمريكية من بينها “العراق وسوريا وليبيا واليمن وحماس وحزب الله وإيران”.

وتعهدت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بعد ذلك في حديث صحفي عام 2005 بنشر “الفوضى الخلاقة” وتشكيل “الشرق الأوسط الجديد” القائم على فكرة دمج إسرائيل في المنطقة وقيادتها لها.

وبناء على ما سبق، يمكننا توقع أن تكون إزاحة البشير من الحكم قد جاءت آخر المهام في خطة عقاب الأنظمة المارقة، التي بدأت بسحق العراق وليبيا واليمن وإعدام قادتها، وتخريب سوريا ولبنان وحصار غزة، وكل ما أخشاه من تفجر النزاع السوداني هو أن يكون ذلك مجرد مؤقت لتفجر “الفوضى الهدامة” التي من شأنها تمزيق السودان إربا إربا.

وعقب الإطاحة بالبشير مباشرة، قفز السودان قفزة كانت متوقعة، بتوجه كل من “البرهان وحميدتي” نحو التطبيع مع إسرائيل في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تلاه قيام واشنطن في 14 ديسمبر/كانون الأول 2020 برفع السودان من القائمة السوداء الخاصة بالعقوبات الأمريكية.

النفوذ الروسي

هناك شكوك قديمة عن وجود علاقات بشكل ما بين قوات فاغنر الروسية وقائد قوات الدعم السريع، وتعاونهما معا في التنقيب عن الذهب واليورانيوم وغيرها من المعادن خارج رقابة الدولة، تعززت بزيارة حميدتي إلى موسكو مع بدء تفجر الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ليكرر ما فعله البشير عام 2017 وزيارته موسكو طالبا من بوتين حمايته من التدخلات الأمريكية.

وهناك حديث عن وعود بين حميدتي وروسيا لمنح موسكو قاعدة عسكرية روسية في مدينة “مروي” شمالي السودان، مع قيام قوات فاغنر بتدريب قوات الدعم السريع البالغ عدد أفرادها نحو 100 ألف مقاتل.

يحاول حميدتي إظهار أنه مؤيد للتيار المدني ورافض للحكم العسكري، تارة باعتذاره عن المشاركة في الانقلاب على الحكومة المدنية عام 2021، وأخرى باتهامه بشكل متكرر للبرهان بأنه يحاول عبر جميع قراراته إعادة نظام البشير “ذي القشرة الإسلامية” أو “الكيزان”، ويسعى بهذا الاتهام إلى ذر الرماد في عيون داعمي البرهان الغربيين والتشويش عليهم.

الغريب أنه منذ عام 2013 كانت قوات الدعم السريع تُعَد جزءا من الجيش السوداني، إلا أنه مع توقيع الاتفاق الإطاري المؤسس للمرحلة الانتقالية عقب الإطاحة بالبشير، وجدنا حميدتي يرفض هذا الاتفاق الداعم لدمج “الدعم السريع” في الجيش بقيادة موحدة، ويصفه بأنه سيمزق البلاد!!

وهو ما يكشف عن طموحات حميدتي الكبيرة في السلطة، إذ إن تنفيذ الاتفاق الإطاري سيجعله يفقد سلطته قائدا لهذه القوات التي تتميز بسرعة التنقل، وحرب الشوارع، والخبرة الميدانية الكبيرة التي اكتسبتها من حربها مع مليشيات الجنجويد، مع توافر الانتماءات القبلية التي يتميز بها أفرادها.

الوثائق الصهيونية

في سبتمبر 2008، قال وزير الأمن الداخلي الصهيوني الأسبق آفي ديختر في محاضرة له بمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إنه ينبغي منع السودان بموارده ومساحته الشاسعة من أن يصبح دولة إقليمية قوية وعمقا استراتيجيا إضافيا لمصر كما حدث في عام 1967، وإنه ينبغي التدخل بكل الوسائل المعلنة والخفية لإضعافه وتمزيقه وإشغاله في أزماته الداخلية، مع اعتبار ذلك من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي.

وبناء على تلك الرؤية الصهيونية، فإن على السودانيين أن يدركوا أن هناك من يعمل على صب النفط على النار محاولا تغذية الطموحات الشخصية في السلطة لدى جنرالات السودان، بينما يخطط في النهاية لحرق السودان فلا يبقى هناك بلد يحكمه أي منهما.

وعليهم جميعا أن يعلموا أنه إذا امتدت يد الخارج لهذا البلد، فإنها في أغلبها لا تسعى لانتشاله بل لإغراقه.

صراع السودان نتيجة طبيعية لحكم العسكر.

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2023/4/16/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%81%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9

ولفك الحجب انقر هنا

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/4/16/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%81%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9?fbclid=IwAR14c_QL0yLBcQXU6zYbuX_tYimwOZQFqXwxlwg9vYaML0pSGad93f-Ae0I

السبت، 15 أبريل 2023

سيد أمين يكتب: أصوات العالم الإسلامي في الانتخابات التركية

 

لم يحدث أن اهتم العالم بانتخابات محلية لأي دولة في العالم من غير الدول العظمى كأمريكا وروسيا، كما يهتم بنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية المزمع إجراؤها في مايو/أيار المقبل، بل أن الملايين حول العالم يهتمون بمعرفة دقيق تفاصيلها بشكل أكبر مما يهتمون بأي انتخابات سواها.

وكما ينقسم الناخب التركي بين دعم هذا أو ذاك، كطبيعة أي انتخابات ديمقراطية، نجد أن المميز هنا أن العالم أيضًا ينقسم معها الانقسام ذاته، فهناك من يدعم أردوغان والتحالف الحزبي الذي يقوده، وهؤلاء هم في الغالب من “الشعوب” الإسلامية وشعوب دول العالم النامي من غير المسلمين، وفي المقابل نجد هناك من يسعى إلى إسقاطه حتى دون أن يدعم شخصًا محددًا من معارضته، وهؤلاء من “النظم” الغربية ومن يتبعها من النظم الإسلامية.

ولهذا يود كثير من مسلمي العالم لو أنهم أدلوا بدلوهم في تلك الانتخابات، ووجدوا الوسيلة لدعم التصويت لصالح الحزب الحاكم ورئيسه أردوغان، وذلك لأنهم يرون الصورة كاملة من خارجها، وجلهم في حالة انبهار بما حققته تركيا طيلة العقدين الماضيين من نهضة غير مسبوقة في الداخل، ومكانة خارجية مرموقة جعلتها في طليعة الدول المدافعة عن الحق الإسلامي، وقبلة لملايين المظلومين والباحثين عن العدالة المفقودة في أوطانهم.

طبعًا لن يستطيع أحد من غير الأتراك أن يصوت في تلك الانتخابات، ولكنه يستطيع أن يبُصّر الناخب التركي الذي قد لا يملك الاطلاع السياسي الخارجي الكافي بالمكانة الكبيرة التي شغلتها تركيا وأردوغان في قلوب مليارات البشر غربًا وشرقًا في هذا العالم، وتأثيرها الثقافي والسياسي والاقتصادي الهائل الذي نقلها إلى مصاف الدول العظمى، وأنه يجب أن لا يهدر كل هذا بسبب مصالح ضيقة أو مشاحنات حزبية.

كما يستطيع أن يشرح له الآثار الاقتصادية والسياسية المباشرة وغير المباشرة العائدة على بلاده من تحقيقها هذا الوضع ما يستلزم المحافظة على استمراره، كي لا تعود تركيا حظيرة خلفية لأوربا وأمريكا مثلما حدث بعد سقوط الدولة العثمانية، وأن الدافع للنصح هو التنفيذ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقول رسوله إن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا.

وسائل مشروعة

ما لا شك فيه أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت الأمر كثيرًا، ونحن هنا لا نتحدث عن لجان إلكترونية وما شابهها من أعمال وضيعة تنتهجها بعض النظم والجهات، ولكن نتحدث عن إمكانية توجه المشاهير الذين يرون الرؤية ذاتها في أرجاء العالم الإسلامي كافة بنشر رسائل مهذبة ومختصرة تحمل رؤيتهم ونصائحهم باللغة التركية على حساباتهم الشخصية أو على الحسابات التركية الشهيرة يعرفون فيها أنفسهم مع تضمينها “هاشتاجات” الدعم لأردوغان.

وتستطيع الأحزاب والحركات والجمعيات والأندية ووسائل الإعلام والجامعات والمعاهد وغيرها وصولًا إلى كتّاب المقالات وأصحاب الرأي وحتى المواطنين العاديين فعل الأمر نفسه أيضًا، مع ضرورة أن يحرص الشخص العادي هنا على أن يقدم ما يقنع مشاهده أو من يقرأ رسالته من كونه شخصًا حقيقيًا وليس لجنة أو “ذبابة إلكترونية”، ويستطيع كل من لديه صديق تركي أن يرسل له بشكل مباشر.

كما تستطيع وسائل الإعلام والأحزاب والمنظمات والجهات الفاعلة في بقاع العالم الإسلامي سلوك المسلك ذاته عبر تشكيل وفود تزور الشركات والهيئات الشعبية التركية في بلدانهم لإبلاغهم بوجهة نظرهم.

ويمكن كتابة عرائض عبر تطبيقات العرائض الجماعية مثل “أفاز” و”عرائض جوجل” وغيرها، وجمع توقيعات عليها، وتوجيهها لمؤسسات الشعب التركي.

وفي المقابل يتوجب أن ينشط حزب أردوغان في العمل على إبراز ردود الأفعال التي تدعمه خارجيًا عبر وسائل الإعلام كافة المتاحة للحزب، والتدليل بها على المكانة التي حققتها تركيا في ظل قيادته.

قد تبدو مثل هذه الإجراءات يسيرة أو ساذجة، ولكنها من الممكن أن تسهم في تغيير توجهات الناخبين، وتحول دون ارتداد هذا البلد الذي يحبه الناس من العودة مجددًا لزمن التبعية والتقزم الذي عاشه طيلة القرن الماضي في ظل حكم أحد أبرز أحزاب المعارضة المناوئة.

الثورة المضادة

لا شك أن تلك الإجراءات من الممكن أن يسلكها الكارهون لأردوغان أيضًا، ما لم يكونوا قد سلكوها فعلًا، لكن الفارق هنا هو أن القارئ التركي سيستطيع أن يميز بسهولة بين قوة حجية الرؤية أو ضعفها، وبين الشخص الحقيقي و”الذبابة”، وسيسهم في ذلك توافر إمكانات التعرف إلى شخصية المرسل من خلال صفحته الخاصة.

كما أن هناك عاملًا مهمًا للغاية يؤكد أن تنفيذ تلك الاقتراحات ما لم يفد فهو أيضًا لن يضر بأردوغان وتحالفه، وهو أن غالبية الكتلة التي تصوّت للرجل هي في الواقع مدركة واقعيًا لصحة ما تضمنته رسائل الدعم والتأييد، وبالتالي فإنها ستزيده حماسة لإقناع آخرين بها، فيما أن الرسائل المضادة لن تفلح أبدًا في إقناعه بأي رؤية مغايرة.

عمومًا هذه مجرد مقترحات شخصية، تخطئ وتصيب، ينفذها البعض أو لا ينفذها، لكنني بها أكون بها قد أدليت بدلوي في الانتخابات التركية، لأنني أنا كما ملايين الناس من غير الأتراك يخشون على تركيا من أن تسقط مجددًا.

والحال يقول إنه لو كان المتربصون كثرًا، فالمخلصون أكثر.

اقرأ المقال كاملا هنا

https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2023/4/14/%D8%A3%D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA?fbclid=IwAR15ijsk45ijr9PqgCQl1Bp55TApwqRv9hsh3IlbBQMLD3J_eqOh_Vr14zA

ولفك الحجب انقر هنا

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/4/14/%D8%A3%D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA?fbclid=IwAR38CsN6gPxcTUaVA3GOc78zwQnn7rnSFkMyXp-oIi8QKzQcvuZIsO6KKZg


الأحد، 26 مارس 2023

سيد أمين يكتب: هل شاهد العالم جنة أمريكا في العراق؟

عشرون عامًا مرت على سقوط عاصمة الرشيد، لم ينهض العراق بعدها إلا بوجع، وما نام إلا على وجع، وبين الوجعين صنوف متعددة من الأوجاع، فذاق من الديمقراطية المزعومة التي روجت لها أمريكا وحلفاؤها الثلاثون كل خراب ودمار.

وبالقطع لسنا بحاجة لسرد فظائع ما جرى، فهو حديث مؤلم على النفس الذكية من جهة، ووقائعه معروفة للناس من جهة أخرى، ويكفي أن نقول إن كل شيء فيها صار مهيئًا للسرقة والبيع، الأرواح والأعراض والخبرات والآثار والتاريخ والأموال.

الخسائر كلها بالملايين إن لم تكن بالمليارات، ملايين الشهداء ومرارات الفقد للأحباء شيبًا وشبابًا وأطفالًا ونساء، ملايين اللاجئين والمشردين في الداخل والخارج، ملايين الفقراء الذين لا يجدون ما يقتاتون عليه بعد أن كانت بغداد أو “البغددة” مرادفة للرفاهية والترف الذي حلمت به الكثير من الشعوب.

بعدها احتل العراق الصدارة في كل ما هو مشين، الأقل في جودة التعليم، الأدنى في الرعاية الصحية، الأكثر انفلاتًا أمنيًا، الأعلى في معدلات الفساد، الأكثر هدرًا للموارد، فأصبح العراقيون الأقل سعادة في العالم، بعد أن كانوا الأفضل.

تقلص حلم العراقي الذي بلغ عنان السماء ذات يوم إلى مجرد توافر موارد الطاقة والكهرباء رغم أن بلده يحتل صدارة منتجي البترول، واضمحل حلمه لأن يهاجر إلى بلاد كان شبابها يذهب للعراق بحثًا عن الرزق.

انكفأ العراق على نفسه عقدين من الزمان يحاول أن يلملم آثار الانشطار الذي خلفه الغزو الأمريكي للبلاد، الذي مزق البلاد شر ممزق، فتشظت اللحمة التاريخية بين مكوناته إلى شيعي وسني، وعربي وكردي وتركماني، ومن بين كل فئة فيهم تفرق الناس بين موالٍ لأمريكا، وموالٍ لإيران، فيما صار المجُّرم بين هذا وذاك أن تكون مواليًا للعراق.

سقوط المزاعم

سقطت المزاعم جميعها التي اتخذتها أمريكا ومن معها سببًا لارتكاب هذا الخراب كله بحق العراق وشعبه، ولكن لم تسقط آثار الجرائم، ولن ينسى أحد أن العراق ما عاد للعراقيين بعد.

سقطت مزاعم النووي التي اتخذوها كحصان طروادة للتنكيل بهذا البلد المقاوم، وأقر القاصي والداني بعدم امتلاك العراق برنامجًا للسلاح النووي تمامًا كما كانت تقول قيادات هذا البلد قبل العدوان، ولكن الغرض مرض والنية مبيتة.

وفي نظري يحق لكل بلد في العالم امتلاك الأسلحة التي يريدها لحماية أمنه، طالما كان هناك من يمتلكون مثلها ويهددون استقراره.

وسقطت أيضًا مزاعم محاربة الاستبداد، فالقاصي والداني يعرف أن الولايات المتحدة هي من ترعي الاستبداد في بلداننا وتدافع عنه، ولولا حمايتها له ما كان حال العرب كما هو عليه الآن.

وسقطت مزاعم تهديد الأمن الإقليمي حيث أن من يتخذونه ذريعة لغزو العراق هم أنفسهم من يسمحون لإسرائيل بأن تقصف أي بلد عربي دون حتى كلمة تنديد واحدة، ويبررون لصواريخها أن تنطلق فتقتل من تقتل في لبنان وسورية والسودان والعراق وإيران، ويتسترون عليها كأبشع وآخر قوة احتلال عسكري في التاريخ.

كما أن قولهم بأن أمريكا تسعى لنشر الديمقراطية في العالم ليعد من قبيل الكذب البواح، فأصابعها واضحة في تخريب ثورات الربيع العربي المطالبة بالديمقراطية والاستقلال الوطني، وهي الثورات التي إن نجحت لأقصت نفوذها المتزايد تمامًا من هذه البقعة من العالم.

الفوضى الخلاقة

أليس هذا المشهد هو المجال التنفيذي للفوضى التي وصفتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس بالخلاقة؟ أليست هي “خلاقة” بالفعل، ولكن من المنظور الاستعماري الغربي الهادف لمحو كل مراكز التأثير والاعتراض في عالمنا العربي، وهو ما حدث فعلًا؟

ألم يكن العراق ضمن الدول التي وصفتها القائمة التي حددتها الولايات المتحدة في العقد الأخير من نهاية القرن المنصرم بالدول المارقة، التي تقصد بها تلك الدول الرافضة للانضواء تحت العباءة الأمريكية والغربية؟

وقد بدأت تلك القائمة بخمس دول فقط حتى انتهت بعد الإضافات لتشمل عراق صدام حسين، وليبيا القذافي، ويمن علي عبد الله صالح، وسوريا الأسد، وسودان البشير، وغزة حماس، وإيران الإسلامية.

وشملت القائمة من غير دول الشرق الأوسط كذلك أفغانستان طالبان، بالإضافة إلى كوريا الشمالية والصين وروسيا.

وبنظرة تأمل واحدة على الخريطة العربية ستدرك أنه قد حدث لباقي الدول العربية التي شملتها القائمة الأمريكية ما حدث للعراق بالضبط من تخريب واستدمار.

سقوط الأمة

في الواقع أن سقوط بغداد عام 2003 لم يكن إدانة للعراق ولا لجيشها الذي قاوم حتى الرمق الأخير أعتى إمبراطوريات العالم الحربية دفاعًا عن استقلاله، ولكن كان سقوطًا للنظام الرسمي العربي الذي دشنته بريطانيا في منتصف القرن الماضي، وتأكيدًا للمؤكد بأن الجميع يقبعون داخل الحظيرة ولا مجال للتمرد عليها.

فيما جاء الربيع العربي بعد ذلك محاولة فاشلة -ستَترى بعدها المحاولات الناجحة- لدفن ما سقط.

المصدر : الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/3/23/%D9%87%D9%84-%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%9F

السبت، 25 مارس 2023

سيد أمين يكتب: الإبراهيمية.. حوار أم دين جديد؟ "رؤية مغايرة"

 

منذ أكثر من عقد من الزمان حذرت الدكتورة زينب عبد العزيز، أستاذة اللغة الفرنسية التي ذاع صيتها، ليس بسبب ما ترأسته من مناصب علمية عديدة في مجال تخصصها، ولكن بسبب نشاطها الدعوي؛ من مخطط ماسوني خطير لتخريب الأديان، ودمجها في دين واحد يسمى الدين الإبراهيمي.

لم يأخذ كثيرون هذا التحذير على محمل الجد لكونه خارج نطاق المعقول، واتهم آخرون الدكتورة زينب بـ"التهويل"، لكن الأيام أثبتت أن تحذيراتها كانت جادة جدا، خاصة حينما اجتمعت وفود من عدة دول لافتتاح بيت العائلة الإبراهيمية، التي تضم مسجدا وكنيسة مسيحية وكنيسا يهوديا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
البيت تمت الدعوة لتدشينه خلال زيارة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر برفقة بابا الفاتيكان فرانسيس الثاني للإمارات عام 2019 وتوقيعهما على وثيقة "الأخوة الإنسانية"، إلا أن ما تبع هذا الإجراء من دعوات لتوحيد الديانات السماوية الثلاث في دين واحد، جعل الرجلين لم يشاركا في حفل الافتتاح الذي تم في شباط/ فبراير الماضي.

شيخ الأزهر

على ما يبدو أن الشيخ الطيب استوعب الشَرَك الذي أرادوا إيقاعه فيه هناك، فراح يوضح موقفه بانتقاد هذه الدعوة الخبيثة في أثناء حضوره حفل افتتاح بيت العائلة المصرية، قائلا؛ إن هناك محاولة للخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري، وبين امتزاج هذين الدِّينين، مؤكدا أنَّ اجتماع الخلق على دِين واحد أو رسالة سماوية واحدة مستحيل، ووصفها بأنها تبدو في ظاهرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، لكنها في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار". 
حتى قامت الأمانة العامة للبحوث الاسلامية بالأزهر في منتصف الشهر الجاري بإصدار بيان قوي، مؤكدة أن الديانة الإبراهيمية كفر صريح بالإسلام، ولا تتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، وتُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

بهذا، قلب الطيب الطاولة على من ظنوا أنهم نجحوا في خداعه، بما يمثله منصبه كشيخ للأزهر من قامة كبيرة جدا في العالم الإسلامي، فتغيرت نبرة التفاؤل عندهم إلى تشاؤم، وتوخى الجميع الحذر.

محاولات خداع

هناك من يحاول أن يوعز للناس بأن الفكرة جاءت فقط عقب توقيع الإمارات والبحرين اتفاقات للتطبيع رسميا مع إسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأن نص الاتفاق المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية لا يتحدث عن دين جديد، ولكن عن تآخٍ وحوار سلام بين الديانات السماوية الثلاث.
لكن التحذيرات التي أطلقها مراقبون كُثر، منهم أستاذ الدعوة الإسلامية والأديان بجامعة الأزهر د. إسماعيل علي، والدكتورة زينب عبد العزيز التي أسلفنا الحديث عنها، عن هذا المخطط، حدثت قبل عقدين من الزمان، وقبل وصول ترامب للسلطة في أمريكا، وبالتأكيد قبل التطبيع "الرسمي" الإماراتي مع إسرائيل، يلقي ظلالا من الشك عليها، يؤيدها ما سرده الإعلام الغربي من دلائل على أن دينا جديدا يتشكل في الأفق.
والتاريخ يثبت ذلك، ففي 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1986 دعا بابا الفاتيكان السابق إلى إقامة صلاة مشترَكة من ممثلي الأديان السماوية الثلاثة، وذلك بقرية أسِيس في إيطاليا، ثم كرر هذه الدعوة مرات أخرى باسم "صلاة روح القدس"، ونفس الأمر فعله بابا الفاتيكان الحالي عام 2021 في أثناء زيارته إلى مدينة أور العراقية.
ويقول الدكتور إسماعيل علي: "نقرأ منذ 1811 عن "الميثاق الإبراهيمي الذي يجمع بين المؤمنين في الغرب، وذلك قبل أن يتحوّل اسمُ إبراهيم إلى اصطلاح بحثيٍّ لدى المؤرّخين، رسّخه لويس ماسينيون في مقالة نشرها عام 1949، ثمّ تحوّلت الديانات الإبراهيمية إلى حقل دراسات مستقلة بنفسها".

الكاسب والخاسر

كثير من المراقبين يرون أن الدعوة الإبراهيمية -في بُعدها الذي يصفها بأنها مجرد دعوة للاحترام المتبادل وتعظيم نقاط الالتقاء بين الديانات الثلاث-، لا يصب إلا في مصلحة اليهودية، حيث إنها هي الدين الذي يؤمن به الآخران، وأن الخاسر هو الإسلام لكونه الدين الذي لا يؤمن به كليهما، بينما هو يؤمن بهما.
ولعل تلك الرؤية وما قد يكون خطط له خفية من التحول التدريجي من "الحوار بين الكيانات المنفصلة" إلى "المزج في كيان واحد"؛ هو ما جعل الشيخ الطيب يتراجع، فيما يرى آخرون أن الخاسر الأكبر حينئذ ستكون المسيحية، حيث إن اليهود والمسلمين متفقون دونها تقريبا في معظم المسائل اللاهوتية، وهناك تشابه كبير في الفقه والحدود بينهما، ومن ثم فإن فرص التفاهم معها ستكون الأقل.
وبين هذا وذاك، يأتي فريق ثالث يرى أن الغانم الأكبر هو الإسلام، حيث ستمنحه فرصه ذهبية لشرح مبادئه السامية للعالم بعيدا عن حملات التشويه، ما يمكنه من محو الصورة النمطية التي صنعتها الدعاية المتطرفة عنه في العالم، وبأنها دعوة للمباهلة بهدف إظهار الحق وإزهاق الباطل، تمكينا لقوله تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (آل عمران:64).
وكذلك هي فرصة لتقديم رؤية إسلامية للوصايا التي قدمها اليسوع عليه السلام لأحد كتبته في الإنجيل بقوله: "إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ" (مر 12: 29).
ورأى هؤلاء أن الفهم العميق للبيت الإبراهيمي في منظوره كمنبر للتفاهم والحوار بين الأديان، سيقود الجميع في النهاية إلى الإسلام، وأن ذلك ما قد يكون دفع بابا الفاتيكان إلى عدم حضور حفل الافتتاح.
على كل حال، يجب أن نأخذ في الحسبان أن فكرة التآخي على ما فيها من مثالية، هي ذاتها الشعار الذي تستخدمه الماسونية لتحقيق مآربها الشريرة، لا سيما لو تحولت لدين جديد، كما قد يتم الترويج لها مستقبلا.

https://arabi21-com.translate.goog/story/1501741/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A3%D9%85-%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF?_x_tr_sl=ar&_x_tr_tl=en&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=wapp

الاثنين، 20 مارس 2023

سيد أمين يكتب: لهذا يصرون على حبس عمران خان

قد لا يصدق أحد في الشرق الأوسط أن هذه الحملة الأمنية الصارمة التي تشهدها باكستان هذه الأيام من أجل تنفيذ حكم قضائي بالقبض على رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان، إنما هي لمحاكمته في قضية اتهامه ببيع 4 ساعات ذهبية تلقاها هدايا في فترة توليه السلطة تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار فقط.

ولا يصدق أيضا أن عمران خان نفسه هو من بادر بتقديم وثائق لهيئات ضريبية تثبت أنه قام بشرائها من أمواله الخاصة بصفته من أشهر لاعبي الكريكيت في العالم سابقا، ومن حقه بيعها في أي وقت، خاصة أنه في عام 2019 أصدرت مفوضية الانتخابات الباكستانية تقريرا بامتلاكه ثروة قيمتها نحو 700 ألف دولار وقصرا قيمته 4.7 ملايين دولار أمريكي هي حصيلة بيع شقته في لندن.

ومصدر عدم التصديق هنا هو تلك المبالغة التي يحلو للإعلام الغربي والحكومي الباكستاني على حد سواء وصفها بجمل كبيرة من عينة “محاكمته بتهم فساد” أو “قضية الهدايا الثمينة”، وذلك بغرض أن يأخذها من لا يدري على عواهنها فتتخلق لديه صورة ذهنية سيئة عن الرجل، في حين أن المبلغ محل الحديث -إذا صدقت تلك الاتهامات- لا يتعدى مصروفات تكفي ليوم واحد من فسدة بلادنا.

تاريخ من اللامنطق

ولعل هناك من يستغرب عدم قيام عمران خان بتسليم نفسه لحضور جلسة محاكمته خشية اغتياله، لكن من يعرف التاريخ هناك يدرك ببساطة أنه لا مكان أبدا للمنطق فقد اغتيلت رئيسة الوزراء بينظير بوتو وسط حشد من جماهيرها، وأعدم أبوها ذو الفقار علي بوتو بينما كان رئيسا للوزراء وهو الذي خطط لتملك بلاده القنبلة النووية، أما عبد القدير خان الذي أهدى البلاد هذه القوة الاستراتيجية فتم سجنه وتخوينه ومنعه من السفر حتى مات في ظروف غامضة.

 خاصة أن الرجل تعرض فعلا لمحاولة اغتيال في نوفمبر 2022 أودت بحياة أحد أنصاره وأصيب هو في قدمه مع أحد آخر.

وليس من العجيب أن عمران خان حينما علم بما يدبر له بسحب الثقة من حكومته في البرلمان، استخدم في 3 أبريل/ نيسان 2022 حقه القانوني في إعلام رئيس باكستان بطلبه حل البرلمان لكن بدلا من أن يستجيب الرئيس للطلب كما هو متعارف عليه، وجدنا البرلمان يعقد في 10 أبريل من نفس الشهر جلسة غامضة وعلى عجلة لم تتح لأعضاء حزب الإنصاف الذي يترأسه خان حضور الجلسة، ويقوم بسحب الثقة من الحكومة.

ولعل هناك دلالات كبيرة في أن حدة الهجمة على عمران خان التي حدثت أثناء فترة حكمه تصاعدت بعد تقربه من روسيا والصين وسعيه للتكامل مع حركة طالبان أفغانستان، وهو ما أعلنه عمران نفسه قبل أن يطاح به من أنه تلقى تهديدات أمريكية.

نية مبيتة

المهم أن خان سارع بتقديم تعهد خطي للقوات التي تحاصر قصره في وسط إسلام آباد وتقود اشتباكات عنيفة مع أنصاره بأنه سيمثل أمام المحكمة، لكن فيما يبدو هناك نية لتصويره على أنه يستهزئ بأحكام القضاء وأنه يعتبر نفسه فوق القانون.

ولو كان في الأمر قدر من الحكمة لقبلت قوات الأمن التعهد وانتظرت الساعات الثماني والأربعين الباقية على موعد المحاكمة، فإذا أخل الرجل بتعهده كرت مجددا على قصره وأبطلت مزاعمه، لكنها رفضت قبول التعهد، مما يؤكد أن النية مبيتة للتصعيد وإخفاء الرجل في السجون بأي ثمن كان قبل المحاكمة المزعومة للحيلولة دون تواصله مع أنصاره، وهي إرهاصات تشير إلى نية لإدانته قبيل الانتخابات المقبلة في إقليم البنجاب.

وإذا نجا خان هذه المرة من الإدانة فقد أُعدّ له شرك محكم بسيل من البلاغات ضده بلغ 83 بلاغا، مع قضيتين أخريين تفصل فيهما المحاكم في البلاد، إحداهما حول ازدراء القضاء، والأخرى متهم فيها بالإرهاب!!!

وقد ظهرت النيات السيئة مبكرا حينما عينت لجنة الانتخابات الباكستانية في يناير/ كانون الثاني الماضي مرشح الحكومة المركزية سيد محسن رضا نقوي رئيسا مؤقتا للوزراء في إقليم البنجاب بعد حل عمران برلمان الإقليم الذي يسيطر عليه حزبه، وجاء قرار اللجنة بحجة فشل الحكومة والمعارضة على مدى أسبوع في اختيار شخص يشغل منصب رئيس الحكومة.

 شعبية جارفة

لكن الأمر الذي يحسب له الجميع حسابا هو أن عمران يتمتع بشعبية جارفة في عموم باكستان ولا سيما في أقاليم البنجاب وبين قبائل البشتون التي ينتمي إليها والتي تعتبر واحدة من أكبر قبائل باكستان وأفغانستان.

ومع تدني مستوى عمل حكومة شهباز شريف، وتردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد، نظر كثير من الشباب الباكستاني إلى عمران خان على أنه الرجل المخلص للبلاد من الفساد وأنه الأجدر بتولي زمام الأمور.

ولعل هذه الحالة ومخاطر تحديها هي الشيء الوحيد الذي حال دون إخفاء عمران خان في ظروف سريعة وغامضة، وهي في نفس الوقت التي تبقي موقد النار متقدا.

المصدر : الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/3/16/%D9%84%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D9%8A%D8%B5%D8%B1%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%A8%D8%B3-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D9%86

الأربعاء، 1 مارس 2023

سيد أمين يكتب: الزواج الحرام.. العلمانية والقومية العربية

 

لا أعرف كيف تم دس العلمانية في الفكر القومي العربي، خاصة أن هذا النوع من العلمانية يتقوت على أيديولوجية وضع الدين في حالة الاصطدام مع القوم، في حين أن القوم أنفسهم -وهم الواجب على القوميين أن يبرزوا ويُعلوا من شأن خصائصهم الفريدة- لا يقدسون إلا هذا الدين بل ويعدّونه المميز الوحيد لقوميتهم، والأسمى مرتبة منها.

ولِمَ لا؟ وهو الدين الذي ميزهم بأنه اتخذ منهم رسولا يُذكر اسمه في كل صلاة يوميا في أرجاء العالم كافة، واتخذ من لغتهم التي تُنسب إليها قوميتهم لغة وحيدة لأسمى مراجعه المقدسة.

أكاد أجزم بأن ثمة مؤامرة فكرية عشناها على مر العقود الماضية، وضعت العربة أمام الحصان، تعالت فيها فكرة القومية العربية على هذا النحو المريب والمعوج فاتخذت من الإسلام خصما لها، بدلا من أن تجعله عمودها الفقري، مما نجم عنه أن تهالكت العربة وكاد الحصان يفلت من بين يديها ليذهب إلى أقوام آخرين تقدّر قوته.

تجربة الدولة العثمانية

لعل تلك الفكرة تنامت في وطننا العربي بعد انهيار الدولة العثمانية عام 1923، وهي الدولة التي كانت تقدّر خصائص العربية وتعلي من شأنها ولم تجرؤ أبدا على الاستهانة بها، فكان هذا سببا من أسباب التمدد الهائل لها في رقعة خريطة العالم، مساحة وزمنا، وكان سببا أيضا في أن تقدّر الأمصار كلها تلك الخلافة العظيمة.

خاصة حينما جعلت اللغة العربية جزءا أصيلا من الهوية القومية التركية، وجعلتها لغة العلوم والثقافة والتعليم، رغم أن التركية كانت هي اللغة الرسمية في الداخل التركي في حين كانت العربية والتركية والفارسية هي اللغات الرسمية للخلافة العثمانية، وبذلك حظيت العربية بنصيب هائل من العناية فصارت لغة تفكير حضارية في كل الأصقاع الإسلامية التي تستظل بمظلة الباب العالي.

ولهذا، فحينما يئس الاستعمار الغربي المتربص بالإمبراطورية الجامعة للعالم الإسلامي من إمكانية كسرها عسكريا وسياسيا وثقافيا، لجأ إلى تفتيتها من الداخل عبر الزج بالكثير من المخدوعين والمتأمرين وضحال الآفاق في جميع أمصارها، ليدعوا إلى فصل قومياتهم عن الإسلام، فخُدع الترك بالتتريك، وخُدع العرب بالدولة العربية الكبرى، وخُدع الفرس بإعادة أمجاد الأكاسرة والساسانية، وهكذا في القوميات كلها.

وكانت النتيجة أن سقطت الدولة العثمانية لكن لم تنهض تركيا ثانية لعقود طويلة بخلاف ما أرادها المنكمشون في داخلهم، وسقط العرب والفرس في الاستعمار الحقيقي والمتخفي بدلا من أن يتحرروا، وتفتت رقعة بلادهم أيما تفتيت.

علمانية هنا ودينية هناك

في حين أن دول أوربا ربطت لفترات طويلة في تاريخها بشكل مباشر بين الهوية القومية والدينية، لدرجة يمكن فيها اعتبار أن نزاعاتها التي أدت إلى كل الحروب الداخلية والخارجية المعروفة بينها، كانت في الأصل نتائج للتعصب المذهبي والقومي بينها.

فضلا عن أن العلمانية نفسها هناك أُقرّت للحيلولة دون الفشل الدائم في منع الصدام القومي والمذهبي، وقد ساعد على نمو التجربة ونجاحها هناك افتقار المسيحية إلى “الفقه “و”طقوس الحياة اليومية” التي تتوافر في كثير من الأديان في العالم ومنها الإسلام.

لذلك نجد الفلسفة العلمانية الغربية الظاهرة تقول “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، لكننا نحن -المسلمين- مأمورون في ديننا بأن نُحكّم الدين عندنا في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة، لأن ديننا هو دين ودنيا، وبالتالي فحينما نتحدث عن القومية العربية فلا بد من ربطها بالإسلام.

كما يوجد الكثير من الأحزاب القومية، والدول القومية، والأقاليم القومية، يكون فيها الدين أو المعتقد أو الثقافة هي المحاور الأساسية لتشكل الانتماء القومي، لا سيما في الهند وبورما والكثير من بلدان شرقي آسيا، وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.

بل إن هناك أناسا من أوطان وأجناس ولغات وألوان متنوعة، تمترسوا حول دين جامع بينهم ليجعلوه هو القومية التي تجمعهم، تماما كما فعلت “إسرائيل”، التي لم تكتف بأنها سرقت الأرض التي تجمعت عليها كل هذه الأجناس غصبا، بل أقرت قوانين تسلب من غير اليهودي مواطنته، وبالطبع تقصد بها صاحب الأرض الأصلي.

ولعل من العجيب حقا أن تجد أحزابا قومية في العالم غير الإسلامي تحتفي عمليا بدين القوم الذين تمثلهم، في حين أن قوميينا العلمانيين يجعلونه مجرد شعارات لزوم “اللقطة” يرفعونها بخجل وعلى استحياء كلما اقتضت المنفعة، وفي كثير من الأحيان يقودون حملات الصدام معه.

والخلاصة أن كثيرا من القوميين العرب ولأسباب مريبة بدّلوا انتماءهم إلى قوميتهم بالانتماء إلى فكرة العلمانية الفضفاضة، وليتهم فهموا جوهرها، فهم استخدموها -فقط- لكسر الإسلام، وما هو بمنكسر حتى تقوم الساعة.

…..

بعد كل ذلك يأتي السؤال: لماذا نحن -العرب- صرنا نغمط الحق ونغبط الباطل، ونجيد تحطيم مصادر قوتنا بأيدينا في المجالات كافة؟

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر


https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/2/27/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9

أو

https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2023/2/27/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9