الخميس، 17 سبتمبر 2020

سيد أمين يكتب: حروب صامتة يخوضها المصريون

تماما كما كان يحدث في كل عصور الاضمحلال التي كنا نقرأ عنها في كتب التاريخ يحدث الآن في مصر سيادة المادية المفرطة في مقابل القيم الروحية الصادقة، دعم وترويج الشك المذهبي في مقابل تسفيه الشك المنهجي الراغب في الوصول للحقيقة، العصف بأهم مكونات المجتمع كالروابط العائلية والجهوية وصولا إلى تفسيخ الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ليصبح كل فرد فيها لا يمثل إلا نفسه، يترافق مع ذلك تجريم الوازع الديني والمجتمعي والتراثي في نفوس الناس، وخنق قادة الرأي المجتمعيين وتسفيههم والحط من شأنهم وإحلالهم بقادة رأي مصطنعين يفتقدون لأي مضامين فكرية ذات قيمة، كل ذلك جزء يسير للغاية من حرب شاملة يتعرض لها بنيان المجتمع المصري منذ عقود لاسيما في العشرية الأخيرة من التاريخ، بما يجعلها تعادل في خطورتها أعنف حروب الإبادة التي عرفها التاريخ.

صارت هناك حربا صغيرة أحيانا أو كبيرة في أحيان أخرى داخل كل بيت أو أسرة أو عائلة أو قبيلة أو حي أو قرية، تصغر معها معاناة الناس من الاكتواء بنار الاستبداد أو غلاء الأسعار ونضوب الدخول والموارد، وبالتالي ففي مثل تلك الظروف فإن مسألة الاستقلال الوطني والحفاظ على أراضيه وحماية المقدسات أصبحت رفاهية لا يملكها اغلب الناس، ولعل ذلك هو ما يفسر أسباب صناعة ما سبق.

ومن الخطأ الجسيم النظر إلى تلك الحروب بأنها معارك في درجة متدنية، وذلك لأن الثابت عند علماء الاجتماع مثلا أن الظلم الاجتماعي أشد وطأة من الظلم الاقتصادي والسياسي، ورغم ذلك نجد أن كثيرا من الكتاب والباحثين الجادين يستهينون به، رغم أن أعظم الثورات في التاريخ كانت في الأصل هي ثورات اجتماعية كالثورة البلشفية والفرنسية وحرب الاستقلال الأمريكية، وحتى الديانات المختلفة هي في الغالب تطبيقات اجتماعية.

 

عودة الثأر

 

لم تكن واقعة مصرع ابن المنوفية الشاب محمود البنا العام الماضي والتعاطف الشعبي الواسع معه إلا تعبير عن حالة رفض شعبي قاطعة لواقع أليم يعيشونه صباح مساء من تفشي أعمال البلطجة مع سهولة الإفلات من العقاب وعدم وجود تشريعات لحماية الشهود، يغذيه تفشي المحسوبية والرشوة في مؤسسات العدالة، فضلا عن ضعف القوانين الرادعة، بالإضافة إلى اهتمام السلطة بالحفاظ على أمنها السياسي وردع المعارضين السياسيين وترويعهم، تارة بيدها عن طريق التلاعب بالقوانين، وتارة أخرى بإطلاق يد البلطجية والمسجلين خطر والخارجين عن القانون في المجتمع.

كان من الطبيعي إزاء هذا أن يفقد الناس ثقتهم في الدولة ويعودون لحماية أنفسهم بأيديهم، فرغم أن ظاهرة الثأر كانت قد أوشكت على الانتهاء من قاموس الحياة المصرية، إلا أنها عادت مؤخرا بقوة إلى المجتمع المصري بحيث لم تعد غالبا أي قرية أو مركز من مراكز الجمهورية إلا وتشتعل فيها معركة ثأرية طاحنة تحصد الأرواح وتروع الناس، وتكاد تحذر كل تفصيلة من تفاصيل أحداثها بقرب انهيار دولة القانون، وأن القوانين بدلا من أن تقتص للمظلوم من الظالم قصاصا رادعا، تعمد غالبا ادوان انفاذ القانون للتعامل مع قضية العدالة طبقا لمصالحها مع أطرافها وثقلهم في المجتمع، فيما يبقي السبب الأبرز وراء تنامي الظاهرة هو فقدان الثقة بقوة القانون واعتباره ذاته أداة للإفلات من العقاب وليس أداة للعقاب.

ويبقى القول أن السلطة مدعوة بإلحاح لاستخدام نفس القوة التي ردعت  بها الآلاف من معارضيها بعد ثورة يناير وما قبلها، لردع الخارجين عن القانون.

وتضج وسائل الإعلام كافة وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير عن قصص الثأر التي تفشت في المجتمع دون وجود إحصاءات رسمية لذلك، نظرا لان الكثير من تلك الحوادث يتم تكييفها قانونيا – باصرار من الاهالي- بصفات مغايرة دون الإفصاح عن تاريخ الصراع وحقيقته.

                                             

انتشار المخدرات

غني عن البيان أن للسلطات المتعاقبة مآرب أخرى في تنامي ظاهرة تعاطي وتداول المخدرات، تارة بغض الطرف وتارة بالتجاهل وتارة بالتهاون، وأحيانا بالاشتراك والتشجيع، وهو ما كشفته واقعة “عزت حنفي” الشهيرة والتي جرت أحداثها في محافظة أسيوط، مطلع الألفية الجديدة، والتي جسد جزءا من حقيقتها فيلم “الجزيرة”، واعترفت بها السلطة آنذاك.

كما أن التعامل الأمني مع الظاهرة أعطى شعورا لدي الناس بانها لا تحاربها ما شجع بعض نواب برلمانها وكذلك فنانون وباحثون وأكاديميون للمطالبة بتقنين تدلها وتعاطيها، يأتي ذلك رغم أن البرلمان “نظريا” شدد عقوبة تداول تلك المواد لتصل إلى الإعدام.

الإحصاءات الرسمية تؤكد أن 10.4%، من المصريين يتعاطون المخدرات مع انخفاض سن التعاطي إلى تسعة سنوات، وأن 79% من الجرائم التي تُرتكب في مصر ترجع إلى تعاطيها.

 

                                                  

الاتجار بالبشر

“البلطجية” هم أصحاب اليد الطولى في أي نزاع، شجعهم على ذلك تراخي الدولة في التعامل معهم بالقوة اللازمة، ما أرسل لهم رسائل خاطئة بأنهم مميزون لديها، واعطى ذات الرسائل للمجتمع بضرورة الاستكانة لهم نظرا لما يملكونه من نفوذ، وخاصة بعدما تم الاحتفاء بهم وضهم في أعمال الخدمة المدنية للدولة ومنح رموزهم الإعفاءات التقديرية لهم.

كما أن الإعلام الرسمي ساهم في تشجيع تلك “الظاهرة” عبر إنتاج أعمال درامية عديدة تمجد شخصية البلطجي وتبرر له إجرامه، وتعلي من الدوافع التي  ساهمت في تشكيل شخصيته، كالمظلومية أو التمرد على الظلم الاجتماعي أو للدفاع عن النفس وغيرها.

وزاد من الطين بلة أن اللصوص الذين كانوا قديما يسرقون في غفلة من الزمان ممتلكات الناس وأموالهم، لم يكتفوا بإظهار سطوتهم وفعل ذلك عنوة، بل تمادوا واخذوا يسرقون الناس أنفسهم ويبيعونهم لعصابات تجارة الأعضاء البشرية تارة، ولشركات الأدوية العالمية تارة أخرى لتجري عليهم تجاربها الطبية حتى صارت مصر من كبريات الدول في هذه النشاط الوضيع الذي جرى تقنينه عام 2017، أو يقومون باختطاف الضحايا مقابل الفدية أو ابتزاز ذويهم أو الاغتصاب في حالة الإناث، الوقائع شائعة جدا في المجامع المصري ونسجت حالات من الخوف والهلع فيه.

 

المواقع الإباحية

 

تأتي المواقع الجنسية والإباحية عبر الانترنت وأحيانا عبر بعض الاقمار والفضائيات لتحطم ما تبقي من قيم وعادات ونوازع دينية لم تحطمها الدراما العربية المنحطة، ورغم أنه قد أثيرت ضجة في مصر بداية عام 2012 مطالبة بحجب تلك المواقع وتعللت الحكومة وقتها بأن هذا الإجراء سيكلف المليارات وأنه شبه مستحيل فنيا، إلا أن حجب السلطة حاليا مئات المواقع السياسية وترك تلك المواقع لتتضاعف يؤكد أن السلطة كانت راغبة فيها لحاجة في نفسها.

ونحن في غنى بالقطع من الحديث عن الأضرار التي تتسبب فيها تلك المواقع علي النشء والشباب في استسهال الرذيلة والشذوذ، ما يقود لقصص مروعة عن كل جرائم الاغتصاب والفجور والشذوذ وزنا المحارم التي تمتلئ بها الصحف المصرية وترويها الحكايات الهامسة، وصارت ظواهر لافتة للمتأملين.

 

مشكلات بالجملة

هناك جملة من المشكلات التي تعانيها الأسرة المصرية قد تكون بواعثها في الغالب اقتصادية،ومنها تفشي ظواهر العنوسة لدي الشباب من الجنسين وبالطبع فإن وجود هذه الحالة لدي الفتيات – وهي تتخطي حاجز الـ10 ملايين بحسب الإحصاءات الرسمية – تسبب توترا كبيرا لأسرهن خوفا على مستقبلهن بعد فقدانهن عوائلهن، وكذا تفشي ظاهرة الطلاق – حالة طلاق كل دقيقتين – وتنامي ظاهرة تملص أرباب الأسر من الإنفاق عليها بسبب البطالة وتدني الأجور، ما أنتج ظاهرة المرآة المعيلة والتي تعول نحو 3.5 مليون أسرة “نحو 20 مليون نسمة “.        

كما أن إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض مزمن عادة ما يسبب ارتباكا لجميع أفراد أسرته حتى لو كان مقتدرا ماديا، فهناك جهات تقدر وجود نحو 2.6 مليون مريض بالفشل الكلوي، و 8.2 مليون مريض بالسكري، و1130 مريض سرطان لكل مليون نسمة، فضلا عن 10.6 مليون معاق، ناهيك عن عشرات الأمراض الأخرى، وأن كل مريض من هؤلاء يشاركه آلامه العديد من أهله وذويه.

في الواقع أن الشعب المصري يعاني الآن حربا بيولوجية ونفسية واقتصادية وسياسية شاملة هى الأخطر منذ نشأة مصر.

اقرأ المقال على موقع المعهد المصري للدرسات



اقرأ المقال على موقع المعهد المصري للدرسات

السبت، 22 أغسطس 2020

سيد أمين يكنب: وحضر معهم قوم شعيب !!

 


مع تقزم حجم رغيف الخبز من 150 جراما إلى 90 جراما في مصر، وما لاحق ذلك من نقمة شعبية انطلاقا من مبدأ "عض قلبي ولا تعض رغيفي"، إلا أن آخرين رأوا أن هذا الوزن الذي أعلنوا عنه أيضا لم يلتزموا به، وأن وزن الرغيف قد يصل إلى 60 جراما ليفقد ثلث وزنه المعلن.
وفي الواقع اعتاد المصريون على هذا الأمر وعلى كثير من التعريفات غير المنطقية في حياتهم العامة، وتعاملوا معها ليس فقط كأنها منطقية ولكن أيضا بديهية، وأبرز مثال لذلك

الاثنين، 6 يوليو 2020

سيد أمين يكتب: فرنسا أم الدولة العثمانية؟.. متحف الإنسان يشهد


أهم ما أحيته واقعة استعادة الجزائر لرفات العشرات من شهدائها ومقاوميها المحفوظة في ما يسمى "متحف الإنسان" في فرنسا، والذي يتم فيه الاحتفاظ بنحو 18 ألف جمجمة، هو مدى استهانة هذا البلد بحقبته الاستعمارية بحقوق الإنسان، وأن تلك الاستهانة والتنكيل بأجساد الضحايا لم تنته مع انتهاء حقبة فرنسا الاستعمارية، بدليل تباهيها

الثلاثاء، 23 يونيو 2020

سيد أمين يكتب: الذين هربوا الى الصحراء

يهيأ لي أن العاصمة الإدارية التي يشيدها السيسي في الصحراء بالقرب من قناة السويس ويجري التخطيط لنقل مقار الحكم ودواوين الحكومة إليها، ما هي إلا تكرار للمنطقة الخضراء التي شيدها الاحتلال الأمريكي في بغداد لحماية قيادات جيشه وحلفائهم العراقيين، لكنه تكرار بالغ الكلفة والفجاجة.
 حيث يتشابهان في الأسوار العالية، وفي التأمين بالكمائن والكيانات العسكرية والكاميرات وفي الكروت الذكية التي تمنح للمواطنين ليتسنى لهم الدخول، رغم أن من فعل الإجراءات في العراق – وهى الأقل تأمينا من نظيرتها المصرية – قوة احتلال أجنبي.

سلوك عسكري

عموما فإن فكرة إنشاء عاصمة إدارية للبلاد ليست بجديدة، فقد طرحها الحكم العسكري كثيرا كإجراءات تأمينية، ولكن كانت كلها تجارب فاشلة، إما بسبب الزحف العمراني القادم نحوها من القاهرة القديمة، وإما لنقص التمويل، أو لكليهما.
 فقد حول عبد الناصر حي مصر الجديدة النائي في صحراء شرق القاهرة والذي تأسس عام 1910 سكنا لنخبته العسكرية وحول فندق هليوبوليس الفخم إلى قصر جمهوري، وأسكن في هذا الحي الجاليات الأجنبية، وأنشأ بجواره مطار القاهرة ليسهل حركة الانتقال للخارج؛ فيما لجأ مبارك لمدينة نصر لإسكان أسر العسكريين ولتكون امتدادا لحي مصر الجديدة، ولما فشلت التجربة أقام مدينة القاهرة الجديدة.
ثم قام بالاحتماء بمدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء معظم الثلاثين عاما التي أمضاها في الحكم، مستفيدا في ذلك بالعوازل الصحراوية والبحرية، فضلا عن قلة أعداد السكان الذين كانوا في الغالب من نخبته الأمنية، هذا بالإضافة إلى الأسوار العالية التي تحيط بقصوره هناك.
أما السيسي فلم يكتف فقط بإنشاء العاصمة الإدارية، ولكن أنشأ أيضا مدينة العلمين الجديدة التي أسموها "مدينة الأحلام"، دون أن تكون هناك أدنى حاجة لها، لتبقى مقرا أكثر تحصينا بالصحراء من العاصمة الإدارية ، وبالطبع انشأ فيها قصرا جمهوريا حصينا. 

سلوك استعماري

سادت ثقافة العوازل الحصينة في القرون الوسطى وما قبلها، ومن أبرز أمثلتها عالميا سور الصين العظيم، فيما كان ما يشبهه بشكل أصغر سور القاهرة الفاطمية في مصر، وكان الهدف من تلك الأسوار آنذاك هو حماية البلاد والناس من الأعداء الخارجيين، في وقت كانت تسود فيه شرعية البقاء للأقوى.
وحينما غزا الانجليز مصر راحوا يعزلون مناطق القاهرة الخديوية وهي المبنية على الطراز الأوربي ليقطن فيها قادتهم العسكريون وجاليتهم وحلفاؤهم المصريين بينما جعلوا دخول عوام المصريين إليها يتم أيضا بالكروت.
ومن قبل هؤلاء فعل نابليون نفس ما فعله "السيسي" وراح يحتمي بصحراء المقطم المرتفعة ليتخذ منها مقرا للحكم، ويتخذ منه منصة لضرب القاهرة والجامع الأزهر بـ "القنابر".
لكن رغم ذلك زال عنها حكم الفرنسيين والإنجليز وبقيت مصر.
كما أن سور الصين العظيم لم يمنع المغول من غزو تلك البلاد حيث فتح أبوابه أمامهم جنود مرتشون، ولم يمنع سور القاهرة الفاطمية الناصر صلاح الدين من الإجهاز على الدولة الفاطمية للأبد.

تجربة كاشفة

هناك في بورما تجربة عالمية فريدة في مدى اهتمام الحكام العسكريين بإنشاء عواصم إدارية ليحكموا بلادهم من خلالها.
وتقول تقارير صحفية إن منجمين أخبروا الحاكم العسكري عن قرب تفجر احتجاجات شعبية عارمة، وإن الكثافة السكانية في العاصمة "يانغون" ستكون عامل حسم لانتصار تلك الثورة، ونصحوه بالانتقال سريعا لعاصمة حصينة.
وعلى عجل نقلت حكومة بورما عاصمتها إلى منطقة غير مأهولة تدعي "بينمانا" تبعد عن العاصمة القديمة 400 كيلو متر، وحصل كبار موظفي الدولة على إخطارات بسرعة استعدادهم وأسرهم وممتلكاتهم للانتقال إلى العاصمة الجديدة خلال يومين فقط، حيث أقاموا في الخيام لحين الشروع في إنشاء العاصمة.
ومن المهم التأكيد على أن احتماء الحكام بالكانتونات والجيتوهات أو العوازل الطبيعية والمناطق "الخضراء" ، هو إجراء طبيعي ومقبول إن تعلق فقط بالشؤون الحربية.
 وفي المقابل يعد إجراء مثيرا للارتياب والدهشة حينما تتم ممارسته على الشعب بما يحمله ذلك من تمييز بين أبناء الشعب الواحد.
سياسة الهروب للعوازل الطبيعية هي تدليل قوي بحد ذاتها على أن الحاكم الذي يسلك هذا المسلك هو حاكم ظالم وغير ديمقراطي، ولن يحسن من قبح ديكتاتوريته اقتياده للدراجات أو الطائرات بين حشود مصطنعة ومزيفة.
حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.


الأحد، 7 يونيو 2020

سيد أمين يكتب: ما وراء "مبادرة المهزوم".. على من يراهن خليفة حفتر؟!

في الواقع أن المبادرة المصرية لحل الصراع في ليبيا تقدم ترياق الحياة للجنرال العجوز خليفة حفتر بعد الانهاك الذي لاقته قواته والفرار المتكرر من قاعدة لقاعدة ومدينة إلى مدينة، وتساقط قلاعه العسكرية بشكل درامي أمام الجيش الليبي الشرعي في طرابلس.
ورغم أنه من المستغرب أن يطرح الطرف المهزوم مبادرة سلام تضمن بقائه في المشهد، دون أن يمتلك القوة التي تجبر المنتصر على ابقائه حيا وعدم الاجهاز عليه، إلا أنه أيضا – يا لغرابة – يقدم مبادرة لا تسعى لحل الصراع في ليبيا جذريا، ولكن فقط تؤجله إلى حين، وهو بالطبع ما سيرفضه الطرف المنتصر، وقد رفضه فعلا.
 فمن الواضح أن تأجيل الحرب لمدة عام ونصف، هي عمر الفترة الانتقالية في المبادرة، يقصد من ورائها أن يلتقط حفتر أنفاسه، وخلالها ستعمل القوى الدولية والاقليمية الراعية له على تغيير المشهد العسكري الداخلي لصالح الجناح الموجود فيه، وتعقيد المشهد الدولي أمام الأتراك والحيلولة دون تدخلهم في الصراع الليبي متى اندلعت الحرب فيه مجددا، أو متى وقع انقلاب عسكري على المجلس الرئاسي المقترح، كما فعل حفتر نفسه على المجلس الحالي.
ويراهن حفتر، الذي يعلم يقينا أن مبادرته مرفوضة لكونها مناورة مكشوفة تهدف لنجدته، على كسب بضعة أيام لحين اعادة التمركز في مرتفعات الرجمة شرق مدينة بنغازي، ودعم وتأمين الحمايات العسكرية فيما تبقى لديه من مدن، حتى يمكنه من خلالها الامساك بأوراق تفاوض وضغط، أو القفز لعملية اعلان حكم ذاتي عليها، والتلويح بتقسيم ليبيا أو تنفيذ ذلك بالفعل.
كما يراهن أيضا على استصدار قرار من مجلس الأمن يلزم الحكومة الشرعية بوقف العمليات القتالية والقبول بمبادرة القاهرة.
ومن المخاطر التي يجب على الجيش الليبي الانتباه لها جيدا، وربما يراهن على حدوثها حفتر أيضا، هو أن يتمدد في المدن المحررة على تلك الرقعة الهائلة من الاراضي بشكل يفوق طاقته التأمينية، وأعداد قواته، ودون أن يهيئ لها دفاعات قوية، فتصبح نهبا للعمليات الارهابية والفوضى، وحرب العصابات، ولذلك ينبغي عليه ألا ينتقل من تحرير مدينة إلى أخرى دون الامساك تماما بزمام أمور كل مدينة محررة.
كما ينبغي على الجيش الليبي سرعة تجريد قوات حفتر من المناطق النفطية والاستراتيجية، مستغلا انهيار معنوياتها بسبب الهزائم التي  منيت  بها، وقبل التدافع الدولي المتوقع حدوثه الأيام المقبلة، الذي سيرفض أي حرب بجوار تلك الآبار، وستكون ورقة رابحة يلعب بها حفتر. 

هزائم دبلوماسية


 ويتوالي تساقط المدن من بين حوافر حفتر بعد أن قاب قوسين على فرض سياسة الأمر الواقع والاستيلاء على العاصمة، وذلك حينما وجدت طرابلس وحكومتها الشرعية المعترف بها دوليا حليفا قويا وهو تركيا.
ويخطئ من يتصور أن قوة تركيا تتركز في الدعم العسكري الذي تقدمه حيث تطور عتادها وخبراتها الفنية العسكرية، وإنما في قوتها الدبلوماسية حيث أنها بدت قادرة على تحييد الكثير من داعمي حفتر الرسميين والسريين.
ووضحت تلك القوة الدبلوماسية التركية بعد تحييد الموقف الايطالي، والاعلان المتكرر لروسيا عن عزوفها عن الملف الليبي، وأن ما يعيق دعمها الوفاق هو رفضها الافراج عن السجناء الروس في طرابلس، وأن الروس الذين يقاتلون بجوار حفتر والمقدر عددهم بنحو 1200 فرد هم تابعون لشركة أمنية خاصة ولا يمثلونها.
ولعل زيارة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لموسكو مؤخرا ستخلق تغييرا كبيرا على الموقف الروسي الايام القادمة.
وظهرت القوة الدبلوماسية التركية أيضا في ابراز دعم حلف شمال الاطلسي والدعم الأمريكي للحكومة الشرعية، وهو ما انعكس في صورة فتور في الموقف المصري ومبادرته البائسة.
وأحسنت تركيا صنعا حينما لم تتدخل بقواتها مباشرة في الازمة الليبية، لأن الخطة في المعسكر الأخر كانت على ما يبدو التركيز على تحقيق خسائر في تلك القوات بأي ثمن كان، يعقبها تأليب دعائي واعلامي للشعب التركي على حكومة اردوغان.

 التحريض على الثورة


ولقد ساهم في تحقيق الانتصارات السريعة للجيش الليبي عدم اقتناع معظم الليبيين بجدوى النزاع وفائدته عليهم، واعتبروه سفكا للدماء الليبية على مذبح "جنرال عجوز"، دمية في يد مشغليه الدوليين، يحلم بالحكم والسيطرة، وبناء ديكتاتورية جديدة في البلاد تابعة كليا للخارج، وأكثر قمعا من سابقتها.
فلحكومة فائز السراج المعترف بها دوليا خصائص تفتقدها حكومة حفتر غير الشرعية، من أهمها أنها لا تحارب من أجل شخص أو جماعة، ولا تسعي لاحتكار السلطة، وتتبنى خطابا تصالحيا ووحدويا وديمقراطيا لكافة أرجاء ليبيا وكافة طوائفها.
 وكان لهذا الخطاب التصالحي على ما يبدو اثر كبير لدى أنصار القذافي الذين يدركون أن حفتر ومن جاءوا به من أمريكا هم من قصفوا مدينتهم إبان أحداث ثورة فبراير2011 وقتلوا أبناءهم بطائرات الناتو.
ولعل ما حدث من تصدي ابناء مدينة بني وليد لميليشيات حفتر رسالة بليغة تدعم هذا التصور، خاصة أن بني وليد كانت من أكثر المدن ولاء للقذافي.
وربما يقود هذا الخطاب الرصين والوطني لأحداث تغير كبير في مدن الشرق الليبي، التي يتوقع ثورتها ضد حفتر ما أن وجدوا الفرصة لذلك، بينما تتردد أنباء عن انشقاقات داخل كتلته العسكرية.
يأتي ذلك، بخلاف حفتر الذي أخضع القبائل والعائلات في بنغازي والشرق الليبي بالقوة ونكل بمعارضيه، ووزع المناصب والثروات على أبنائه وذويه وعائلته، واختطف النساء وقتلهن كما حدث مع نائبة بنغازي بمجلس النواب الليبي سهام سرقيوة، التي تم اختطافها من منزلها عقب انتقادها تصرفاته ولم تظهر منذ سنوات.
فضلا عن قيامه بالاستعانة بفئات ارهابية سامت الناس سوء العذاب مثل عصابات الكاني، وجماعات متطرفة مثل الجامية المدخلية ، بالإضافة إلى انكشاف أمر تبعيته للخارج واستعانته بالمرتزقة الأجانب من كل حدب وصوب لقتل الليبيين بأموال ليبيا.

ولتخطي الحجب اقنقر هنا

الأربعاء، 27 مايو 2020

سيد أمين يكتب: من منى مينا؟.. ومن زوجها الاخواني؟!

حملة ضارية ومنظمة تشنها أبواق إعلامية في مصر ليست ضد جماعة أو حزب أو حتى دولة، كما تعودنا دائما، ولكن هذه المرة ضد الدكتورة "منى معين مينا غبريال" الشهيرة بـ "منى مينا" وكيل نقابة الأطباء السابق والمنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق بسبب تصريحات أغضبت السلطة حول سوء تعامل وزارة الصحة مع مرضي وباء الكورونا لا سيما من الأطباء وانتقادها لنظام التكليف الجديد، فانهالت عليها البلاغات.
ورغم أنها مسيحية، راحت تلك الأبواق تتهمها بالخيانة وبالتالي الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، ولما صار الأمر مثيرا للضحك، وجدت الأبواق ضالتها في زوجها المسلم المهندس سعيد أبو طالب لتلصق به تهمة الأخونة، رغم أن الرجل من كوادر التنظيمات الشيوعية العتيقة في مصر.
فسعيد أبو طالب هو واحد من مؤسسي حزب "العيش والحرية" اليساري، وبدأت علاقته باليسار حينما التحق بهندسة عين شمس منتصف السبعينيات حيث أصبح كادرا سريا من كوادر تنظيم "المطرقة" الشيوعي الناشط في هذا الوقت، والذي تفكك بعد مقتل السادات عام 1981، وحينما تم التفكير في إعادة تشكيله في عام 1983 فوجئوا بقضية "التنظيم الشيوعي المسلح" دون أن يكون لهم معرفة بالأمر.
كما أن سعيد أبو طالب تربطه علاقات وطيدة بقيادات شيوعية تاريخية، وهو ما ينفي عنه تماما تهمة الأخونة، فهو تلميذ نجيب من تلاميذ الزميل "حمدي" وهو الاسم الحركي لأحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد، بصفته عضو اللجنة القيادية، مسؤول التنظيم والاتصال بالمطرقة، كما يقول سعيد أبو طالب في حوارات صحفية.
والأهم أنه عضو جماعتي المهندسين الديمقراطيين و"مصريون ضد التمييز الديني" واللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي، وهي بلا شك تكشف عن بعده.

هي هي .. كما هي:

والحقيقة لا أعرف ما السر الذي يجعل إعلام السلطة يجتهد لإلصاق تهمة الأخونة لكل من يتبنى وجهة نظر لا تعجبه دون أن يسعي أن يرد عليها بالتفنيد والحجة، مع أنه يمكنه أن يعترض عليها بمنطق "الفتونة" دون أن يقدم الحجة والبراهين، ولن يجرؤ أحد على الاعتراض.
والأسئلة الأهم، كيف تكون الدكتورة منى مينا أو زوجها على صلة بالإخوان، بينما هي من قادت إضرابات الأطباء في أكتوبر/ تشرين 2012 المطالبة بالكادر وتحسين ظروف عمل ورواتب الطبيب وتعيين الخريجيين الجدد وتقديم خدمة طبية متميزة للمريض وتأمين المستشفيات ورفع ميزانية وزارة الصحة، كما أصيبت ابنتها الطبيبة والناشطة "سلمى" بطلقات خرطوش الداخلية في تلك الأحداث، وخرجت في وسائل إعلام الدولة لتكشف عن ذلك؟
أليست هي من كانت ضيفا يوميا على شاشات كل القنوات الفضائية، وعلى صدر صفحات الصحف القومية الخاضعة للدولة لتعرض وجهة نظرها منذ إضراب الأطباء الأول في مايو/ أيار 2011 والثاني في أكتوبر/ تشرين 2012؟
 أليست هي نفسها ذات المطالبات التي تتحدث عنها في إضرابات الأطباء 2016 والآن؟
ألم تشكل احتجاجات2012 التي اندلعت بعد أربعة أشهر فقط من توليه الحكم، ضغطا شديدا على حكومة الرئيس الدكتور محمد مرسي؟.
وإن لم تتصدر الدكتورة منى مينا المشهد في الحديث عن أي مطالبات صحية تلزم الطبيب أو حتى المريض فمن يتحدث عنهما؟!
 وهي من شغلت معظم المناصب النقابية الخاصة بالمهنة لعقود وأول سيدة تتفرد بمنصب أمين عام الأطباء، فمن يتحدث إذن؟
وما الذي تغير الأن فضاق صدر الإعلام والدولة بها، وكيف تحولت البطلة: "قديسة الأطباء" أو "سيدة مصر الأولى" و"الأم المثالية لشباب الاطباء" "ومسيحية التحرير" كما كانوا يسمونها إلى خائنة الآن، رغم أن مطالبها ذات المطالب، ومواقفها ذات المواقف، ما يؤكد أنها لم تتغير.

مواقف إنسانية

المواقف الإنسانية لا تتجزأ عند الإنسان السوي، فللدكتورة منى مينا طبيبة الأطفال مواقف تكشف عن عمق إنسانيتها، منها موقفها عام2003 حينما ألقى القبض عليها في مظاهرة منددة بالغزو الأمريكي للعراق حيث تعرضت للضرب والاعتقال بعد محاولتها إفلات متظاهرة من قبضة مخبرين كانوا يعتدون عليها بالضرب، وللهزل وجهت لها تهمة "سحل" رجال الشرطة وسرقتهم!!
وكيف أنها تطوعت لعلاج المهاجمين والثوار في "موقعة الجمل" دون تمييز، وكيف رفضت تسليم المصابين في أحداث 28 يناير/كانون الأول 2011 الموجودين في المستشفى الميداني لرجال الأمن.
مواقف منى مينا المتعددة جعلتها أيقونة نسوية ونقابية من طراز فريد شكلت بوتقة صهر لعناصر الوحدة الوطنية المصرية، فهي مسيحية متزوجة من مسلم، وهي يسارية تناصب الاستبداد، وهى نقابية دفعها العمل النقابي للالتحام مع الشأن العام.
في الواقع أن منى مينا إنسانة متحيزة لإنسانيتها.

الثلاثاء، 19 مايو 2020

سيد أمين يكتب : ماذا يعني تحرير الوطية؟

يبدو جليا أن تحرير قاعدة الوطية المركز العسكري الكبير لمليشيات الجنرال المتمرد خليفة حفتر في الغرب الليبي، ثمرة كبيرة من ثمار الاتفاق الأمني الموقع بين حكومتي طرابلس وأنقرة نهاية العام الماضي.
فهذا الاتفاق وما أعقبه من تطبيقات على الأرض، كان سببا حاسما في تغليب كفة الحكومة الشرعية، لدرجة أنه في نصف يوم فقط تهاوت المدن والمناطق الاستراتيجية التي استولت عليها قوات حفتر كصرمان وصبراته والجميل ورقدالين وزليطن والعجيلات والعسة ومليتن أمام الجيش الليبي في 13 من أبريل/نيسان.
والملفت أنه في تلك المدة الزمنية القصيرة سيطرت حكومة الوفاق على مسافة 500 كيلومتر ممتدة على طول الشريط الساحلي الغربي حتى الحدود مع تونس، وهي المساحة التي كانت قوات حفتر وما لديها من مرتزقة أجانب وسلاح غربي متطور قد أمضت أشهرا طويلة من أجل الاستيلاء عليها.
ولعل هذه الانتصارات العسكرية الكبيرة المتلاحقة تفسر السبب وراء الضجة الكبيرة التي أثارتها الدول الداعمة للجنرال المتمرد تنديدا بالاتفاق الأمني حين توقيعه، نظرا لكونها تعلم أن التعاون العسكري الليبي التركي سيقلب كفة الموازين تماما ويدفن مشروع حفتر ليس في الغرب الليبي فحسب، بل في عموم ليبيا، في التراب.

قاعدة الوطية


بعد تحرير مدن الغرب الليبي، اتجهت الأنظار إلى قاعدة الوطية التي تم تشييدها خلال الحرب العالمية الثانية، واتخذتها قوات حفتر مخلب قط لترويع مدن الغرب الليبي، حيث تسببت الطائرات التي تنطلق منها في إزهاق أرواح آلاف الأبرياء من المدنيين في طرابلس ومدن أخرى جراء القصف العشوائي والانتقامي.
وخطورة هذه القاعدة التي تمتد على مساحة كبيرة تصل إلى 50 كيلومترا، في أنها تقع على امتداد منطقة مكشوفة وغير مأهولة تجعل أية قوات مهاجمة برا أو جوا عرضة للقصف بالأسلحة الثقيلة، كما أن بعدها عن طرابلس العاصمة بمسافة 150 كيلومترا فقط جعلها شوكة عصية على الكسر تنغص على أهل طرابلس أمنهم.
بالإضافة إلى تحصيناتها القوية، ووعورة الطرق الرابطة بينها وبين قاعدة الجفرة التي تبعد عن طرابلس650 كيلومترا جنوبا وتستخدم نقطة دعم وحشد رئيسية لقوات حفتر، وتربط بين قواعده في شرق البلاد وجنوبها.
كما أن "الوطية" أيضا تعتبر نقطة ربط بين المدن التي لا زالت تحت سيطرة حفتر كالرجبان والزنتان والأصابعة والعربان وهي المناطق التي تمثل خزانا بشريا له بجانب المرتزقة الأجانب.
وهذه الخصائص هي ما جعلت هذه القاعدة حصينة أمام قوات "فجر ليبيا" التي كانت تبعد عنها بمسافة 30 كيلو مترا فقط من دون اقتحامها لمدة عامين، وهى أيضا التي مكنت ميليشيات حفتر من سرعة استرداد أربعة مناطق ومدن من الاماكن المحررة في الغرب الليبي هى رقدالين وزليطن والعجيلات والعسة.
ولذلك صار هناك اقتناع كبير لدى الكثيرين بأن تحرير هذه القاعدة مسألة حياة أو موت للحكومة الشرعية، ولأهميتها تلك ركزت الجهد العسكري عليها، حتى وقفت قوات الجيش الليبي على مشارفها نهاية مارس/ذار الماضي، ودمر منظومات الصواريخ الروسية التي كانت تتحصن بها، ونجح في قطع المؤن والامدادات عنها حتى تم تحريرها اليوم دون أي خسائر بشرية في صفوفه.

ما بعد المرحلة


 لا شك في أن تحرير قاعدة "الوطية" يعد انتصارا كبيرا لقوات حكومة الوفاق، حيث إن الامتيازات الكبيرة التي كانت تتمتع بها مليشيات حفتر بسبب امتلاكها تلك القاعدة، قد آلت الآن إلى حكومة الوفاق، ما يمكنها من درء الهجمات التي كانت تنطلق منها نحو المدن الخاضعة للحكومة الشرعية.
بالإضافة إلى أنها تمكن الحكومة الشرعية من تشغيل بعض المرافق المعطلة بسبب كثافة هجمات طائرات حفتر المسيرة، مثل مطار زوارة.
وسيمكّن تحرير تلك الوطية الجيش الليبي من الانتقال لطور الهجوم بدلا من الدفاع، فيهاجم قوات حفتر في حي بني عشير جنوب العاصمة طرابلس، ويهاجم قواته أيضا في مدن الرجبان والزنتان، وبالطبع سيساهم في إحكام الحصار على مدينة ترهونة التي يتوقع تحريرها الأيام القليلة القادمة.
وسيكون للقاعدة بلا شك دورا مهما في تحرير الجنوب الليبي وخاصة قاعدة الجفرة.
وينبغي على قوات الجيش الليبي التحصن في القاعدة مع تزويد قدراتها الخاصة بالدفاع الجوي والمضادات الأرضية من أجل استهداف الطائرات المسيرة التي من المتوقع أن يستخدمها حفتر في الأيام القادمة لاستعادتها، والتي كان نقصها بسبب حصار القاعدة وقطع الإمدادات عنها سببا رئيسيا في تمكين الجيش الليبي من السيطرة عليها.

المسار السياسي


وعلى المسار السياسي، فالجميع يعلم أن الغرب يعترف بحكومة الوفاق علنا، ويدعم مليشيات حفتر سرا، إلا أن انقلاب الموازين العسكرية لصالح طرابلس بعد الدعم اللوجيستي والفني والعسكري التركي لها، جعل بعض تلك الدول تراجع حساباتها.
فخرجت تصريحات أمين عام حلف الناتو التي عرض فيها تقديم خدماته للحكومة الشرعية، وكذلك تصريحات السفارة الأمريكية في طرابلس عن أنه لا جهة معترف بها في ليبيا سوى حكومة الوفاق، كما صار الموقف الإيطالي أكثر حيادية.
ومع هذه الانتصارات على الأرض وما واكبها من وضوح في الموقف الدولي يتوجب على الحكومة الليبية اقتناص الفرصة، وطرح مبادرة للم شمل الليبيين على مشروعها الديمقراطي، والتداول السلمي للسلطة، والعفو العام.
وأن تؤكد في خطابها العام أنها لا تقاتل من أجل فرد ولا حكومة كما يفعل حفتر، ولكنها تقاتل من أجل وطن حر ديمقراطي.
فجر ليبيا يلوح في الأفق.
اقرأ المقال كاملا هنا على قناة الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا