الخميس، 28 مارس 2024
سيد أمين يكتب✍️: “سونكو” ناضل و”ديوماي” فاز.. وانتصرت الديمقراطية في السنغا
الأربعاء، 6 مارس 2024
سيد أمين يكتب: حكومة اجترار فشل جديدة في باكستان
بعد إعادة انتخاب البرلمان الباكستاني رئيس الحكومة المؤقتة السابق شهباز شريف رئيسًا لوزراء البلاد، بدا شكليًا أن الأزمة التي خلفتها نتائج الانتخابات العامة التي جرت في البلاد فبراير/شباط الماضي قد انتهت، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك ويشي بأنها ستتطور وتتفاقم، وما حدث أنها فقط اتخذت شكلًا جديدًا يتمثل في فشل ذريع وانقسامات حادة ستلاحق جميع قرارات البرلمان وحكومته الجديدة، وستزيد من حنق المجتمع على النخب الحاكمة.
فالذين تحالفوا وتكتلوا من أجل الحيلولة دون تشكيل عمر أيوب مرشح حزب الاتحاد الذي انتسب إليه مرشحو حركة الإنصاف المستقلين للحكومة، تجمع بينهم الكثير من التناقضات التي تجعل استمرار تحالفهم مهددًا بالانهيار في أي لحظة، ومع أي احتكاك بأقرب نقاط التماس.
تناقضات بالجملة
من أولى التناقضات هي التناقض الكبير بين قطبي هذا التحالف، فحزب الشعب الباكستاني الذي حل ثالثًا في الانتخابات العامة وثانيًا في تحالف الحكم بقيادة بلاول بوتو زرداري هو في الحقيقة حزب علماني يساري، والمدهش أنه بينما يتحدث برنامجه عن تحويل باكستان إلى دولة ديمقراطية اجتماعية، وتعزيز القيم العلمانية والمساواة، وإقامة العدالة الاجتماعية وحماية الأمن القومي، نجده في الوقت ذاته يصمت بل ويشارك في الغبن الذي تعرضت له حركة الإنصاف التي ينظر لها المجتمع الباكستاني بأنها منبر التغيير الثوري الحقيقي لباكستان من أجل تحويلها إلى دولة ديمقراطية.
والغريب أن قادة حزب الشعب فضلوا التحالف مع حزب الرابطة الإسلامية رغم أن سياسة حزبهم القديمة كانت ساعية للجنوح خارجيًا نحو الصين وروسيا، كبديل عن الانضواء التقليدي للحظيرة الأمريكية والغربية الذي تمثله حليفته الأخرى والسلطة العسكرية المتنفذ الحقيقي في البلاد.
كما أن تلك التوجهات هي نفسها توجهات حركة الإنصاف وكان الأولى التحالف معها، ولكن ربما كانت سياسة الإنصاف الخاصة بالانفتاح على طالبان الأفغانية بتوجهاتها الجهادية حالت دون ذلك.
كما طال الانقسام أيضًا الحركة القومية وهي الحليف الأصغر في التحاف الذي فاز بـ17 مقعدًا في البرلمان، فهي أيضًا حركة علمانية تشمل اللاجئين من الهند في باكستان، ولكنها مع ذلك انقسمت إلى كتلتين.
أحزاب أسرية
ولعل من المدهش أن تجد في العالم دولة كباكستان تعد من ثاني أكبر بلدان العالم الإسلامي، لكن تؤسس فيها أحزاب بناء على حب شخص ما أو كراهيته، بل وتجد أيضًا تناقضات حادة بين توجهات الكتل في الحزب الواحد كما في حزب أو أحزاب الرابطة الإسلامية.
فبخصوص حزب الرابطة الإسلامية الذي يفترض فيه أنه حزب إسلامي ينتمي إلى يمين الوسط، فهو في الواقع ليس متناقضًا فقط مع شركائه في التحالف، ولكن تناقضاته تمتد حتى مع ذاته، فقد شهد الحزب العديد من الانشقاقات، فإذا كان الحزب الأصلي بقيادة نواز شريف، فهناك حزب آخر بقيادة شقيقه شهباز يشار إليه بحرف “ن”، وحزب ثالث مناهض للديكتاتور السابق برويز مشرف أطلق عليه “ض”، في مواجهة حزبين مواليين له هما حزبا “ق” و”ف”.
فضلًا عن أن تشكيلة الأطياف غير المتجانسة التي عاد بها شهباز شريف لشغل منصبه القديم هي في الواقع تجميعة مثيرة للسخط لدى طبقات الشباب، لكونها تحالف بين الأسر التقليدية التي تناوبت حكم البلاد طيلة العقود الماضية، وبالتالي فالمتوقع أيضًا اجترار الفشل القديم ذاته.
حيث تمثل أسرة شريف التي ينتمي لها شهباز “73 عامًا” وشقيقه نواز “76 عامًا” واحدة من الأسر التي حكمت البلاد لفترات طويلة وأسهمت بفشل واضح أدى إلى تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، وما ينطبق على تلك الأسرة ينطبق أيضًا على الشريك الثاني في هذا التحالف وهو عائلة بوتو التي أيضًا حكمت لفترات طويلة وفشلت في تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، رغم تاريخها المهم في تمكين البلاد من الحصول على القنبلة النووية، وما دفعته من بعد ذلك من ثمن باهظ في اغتيال قادتها أو سجنهم.
ردود الأفعال
تلقى المجتمع الباكستاني، الأحد الماضي، صدمة قوية من تفويض البرلمان لشهباز شريف بتشكيل الحكومة، وخرجت التظاهرات على الفور لتعم الكثير من مدن البلاد احتجاجًا على الاحتيال الكبير الذي حدث لسرقة نتائج الانتخابات والالتفاف على إرادة الشعب، وحرمان الحزب الفائز بالرقم الأعلى من المقاعد بتشكيل الحكومة منفردًا.
ومن المتوقع أن تستمر الاضطرابات في البلاد لأشهر مقبلة قد تشمل الإجراءات ترويع نواب حركة الإنصاف في التحالف السني، وتشديد القبضة الأمنية والعسكرية على البلاد، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف ليس لاستمرار الحكومة ولا تعزيز الاقتصاد، ولكن إلى إسقاط الحكومة بعد الفشل الاقتصادي والأمني المتوقع.
التجارب في العالم أثبتت أن الديمقراطية هي الحل، فلمصلحة من الاحتيال عليها؟
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
https://bit.ly/3P4WwMb
الثلاثاء، 13 فبراير 2024
سيد أمين يكتب: انتخابات باكستان.. إما اضطرابات أو استقرار
أرسل الشعب الباكستاني من خلال تصويته لمرشحي حركة الإنصاف في الانتخاب الاتحادية العامة برسالة قوية إلى السلطات العسكرية المتحكمة خلف “الكواليس” بأنه لا سلطة فوق سلطة الشعب الذي حطم العراقيل، واختار من يمثله نيابيًا دون وصاية من يمكن أن نسميهم “المستبدين الشرعيين”.
الثلاثاء، 6 فبراير 2024
سيد أمين يكتب : في باكستان.. انتخابات تفتقد الزخم الشعبي
4/2/2024
ستجري في الثامن من فبراير/شباط الجاري الانتخابات العامة في باكستان وسط حالة غير مسبوقة من الشعور بالغبن والظلم تعم الشارع، بعد تغييب مشاركة رئيس الوزراء السابق عمران خان عن الترشح بها، بزعم صدور أحكام قضائية ضده يدرك أغلب الباكستانيين أنها مسيسة.
ومن ضمن 200 دعوى قضائية ضد عمران خان، صدرت ثلاثة أحكام ابتدائية ضده، أحدها في أغسطس/آب الماضي بسجنه ثلاث سنوات بتهمة بيع هدايا عبارة عن ساعات ثمينة بقيمة 650 ألف دولار قُدمت له أثناء توليه منصبه من 2018 إلى 2022، وحكم نهاية الشهر الماضي بسجنه 10 سنوات بتهمة تسريب أسرار الدولة، و14 عاما على زوجته بشرى خان بتهمة بيع هدايا الدولة بشكل غير قانوني، وحُكم في مطلع هذا الأسبوع بسجنه وزوجته سبع سنوات بتهمة الزواج غير القانوني!!
عمران خان الذي أطيح به في ما يشبه المسرحية عبر تصويت برلماني مفاجئ بسحب الثقة من حكومته في مايو/أيار 2022، استغلالا لغياب عدد كبير من مجموعته البرلمانية عن الحضور، وبعد أسبوع واحد من تصويت البرلمان نفسه لتمديد الثقة بها، يُنظر إليه ولحركة الإنصاف التي أسسها من قبل قطاع واسع من المجتمع ولا سيما الشباب بأنه رئيس وزراء خارق للعادة يرغب في نقل باكستان نقلة ثورية من التبعية لأمريكا ومعسكرها الغربي، لتقترب أكثر إلى روسيا والصين وتركيا وإيران والجنوب العربي، ورغبته في تطهير مؤسسات الدولة من الفساد، والحد من سيطرة الجيش على أدوات الحكم، والانفتاح بشكل أكبر على طالبان الأفغانية.
ولذلك فهناك إدراك عام داخل باكستان وخارجها أن كل ما يجري لعمران خان وحركته مجرد مؤامرة رسمتها أمريكا، ونفذها الجيش من أجل الحفاظ على الوضع التقليدي لهذه الدولة النووية التي يراد لها أن تمكث في الحظيرة الأمريكية، وأن تظل في حالة اقتصادية سيئة تجعلها في حاجة ملحة دائمة للدعم الغربي، وفي فساد داخلي يبقيها تدار من أحزاب الأقلية، ويمنع الكتلة الشعبية الكبيرة مثل “حركة الإنصاف” من الوصول إلى الحكم مجددا.
ولقد اعترف خان نفسه أثناء فترة حكمه بتلقيه تهديدات أمريكية بالإطاحة به من الحكم جرّاء تلك السياسات.
قمع حركة الإنصاف
والدليل على أن الاستهداف يطول حركة الإنصاف بما تملكه من شعبية جارفة، أن الحكم الذي منع زعيمها من المشاركة في الانتخابات، وتأكد هذا المنع بعد قيامه بتقديم أوراق ترشحه في دائرتين في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، وتم رفضها بزعم عدم وجود اسمه على قوائم الناخبين المسجلين وصدور أحكام بإدانته، رغم كل ذلك فإن حالة القمع طالت معه حركته أيضا، فتحدث العديد من مرشحيها عن تلقيهم تهديدات بالقتل منعت العديد منهم عن الترشح، في حين رفضت لجنة الانتخابات تسلُّم أوراق العشرات منهم بحجج متنوعة.
وبعد عدم تمكن السلطة من حظر الحركة قانونا بسبب مشروعية فعاليتها المليونية العام الماضي التي نظروا إليها بوصفها استعراضا للعضلات، طال القمع فرض السلطات حظرا غير معلن على كل تجمعاتها وندواتها، مع رقابة مشددة على قيادتها وزعاماتها المحلية، واعتقالات كثيفة لعشرات الآلاف من ناشطيها وشبابها بحجج متنوعة، مع منع ملصقاتها وشعاراتها.
يأتي هذا الحصار الواسع النطاق ضد “الإنصاف” بعد إجراءات سابقة سعت لتفجيرها من الداخل عبر الإيعاز لأعضاء كبار فيها منتصف العام الماضي ليؤسسوا حزب “الديمقراطيون” كي يتمكنوا من مواصلة مسيرتهم السياسية، وتردد حينئذ أن قاضي المحكمة العليا في إسلام آباد أوعز علنا إلى رئيس البرلمان السابق القيادي في الحركة الذي اعتُقل مع عشرات القياديين الآخرين بالاستقالة منها مقابل الإفراج عنه حينما قال له علنا “اعقد مؤتمرا صحفيا، وأنهِ الأمر”.
ولقد شملت الحملة ضد الحركة رمزها الانتخابي الذي احتفظت به منذ تأسيسها وهو “مضرب الكريكت” الذي يشير إلى اللعبة التي هي مصدر نجومية مؤسسها عمران خان بصفته واحدا من أبرز لاعبيها في العالم، حيث نُزع الرمز منها ومُنحت “الزجاجة” بدلا منه، وخطورة الأمر أن هناك قطاعات واسعة من الشعب الباكستاني تعاني الأمية بسبب الحكم العسكري، وقد لا يدركون هذا التغيير فلا يصوتون للزجاجة بما فيها من إيحاء بالخمر، خاصة مع حرمان الحركة من كل وسائل الإعلام والدعاية.
سيف القضاء
هذه ليست المرة الأولى التي يُسلَّط فيها القضاء على رقاب السياسيين في باكستان ولا سيما رؤساء الوزراء الخارجين عن السيطرة، إذ لم يسلم منه شخص بقدر وقيمة عبد القدير خان -أبو القنبلة النووية الباكستانية- الذي وُضع رهن الإقامة الجبرية لمدة 5 سنوات، وكذلك رئيس الوزراء ذو الفقار على بوتو صاحب قرار صناعة القنبلة النووية الذي تعرّض لانقلاب عسكري وسُجن بل وأُعدم، وابنته بينظير بوتو أيضا، وكذلك نواز شريف الذي حُبس 10 أشهر قبل الإفراج عنه لأسباب طبية، وذهب إلى لندن لتلقي العلاج ثم عاد ليس لينافس عمران خان على المنصب مجددا، بل ليجده خارج المشهد تماما.
الكثيرون يرددون في باكستان أن شريف حصل على الإجازة الغربية لتوليه المنصب مجددا أثناء فترة مكوثه في لندن، وبالتالي تمكن من عقد صفقة مع قيادات الجيش على العودة إلى الحكم مقابل الرضوخ التام لما يُملى عليه، وقاموا بتهيئة المسرح له تماما عبر تغييب أبرز وأخطر منافسيه عمران خان.
ودللوا على أن علامات الرضا عن شريف تظهر جليا في السماح له ولحزبه بممارسة الدعايات بكل أريحية، بل وتركه للترشح أساسا رغم صدور حكم محكمة سابق ضده، في حين مُنع عمران خان من الترشح قضائيا، وخُنقت حركة الإنصاف بجميع السبل.
باكستان في انتظار المزيد من الاضطرابات، والانتخابات بدلا من أن تطفئ النار ستصب الزيت عليها.
https://bit.ly/3uraHDW
الخميس، 1 فبراير 2024
سيد أمين يكتب: الضربات الإيرانية الباكستانية.. مصلحة مشتركة
الدهشة تتركز تحديدًا في تلك الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت مقرات لمنظمات انفصالية في باكستان، وهي الدولة النووية التي لا تقع داخل دائرة تأثيرها الثقافي والسياسي والعسكري كما هو الحال في سوريا والعراق، وتمتد الدهشة أيضًا إلى التوقيت الذي اختارته لتنفيذها خاصة مع تعمق العدوان الصهيوني الوحشي على غزة، وما ترتب عليه من تصاعد الصدام بين حزب الله اللبناني وأنصار الله الحوثية والمقاومة الإسلامية في العراق وبين هذا الكيان، وهو ما يحتم على إيران معه عدم فتح جبهات نزاع فرعية جديدة تشغلها عن تلك المعركة المصيرية، بما يحمله ذلك من تحجيم للتعاطف الكبير التي نالته مواقفها، ويشتت وحدة الإجماع الإسلامي حول محور المقاومة.
لكن مع تقريب العدسات سنرى أن الهجمات لا تشذ بعيدًا عن هوى الحكومة الباكستانية أيضًا، خاصة أن “جيش العدل” الذي استهدفته إيران هو في الأساس ضمن ميليشيات عدة طائفية وانفصالية تدعو إلى انفصال قبائل البلوش التي تمتد عبر شطري إقليم بلوشستان في الدولتين، وكثيرًا ما حاربها الجيشان الباكستاني والإيراني كل في أراضيه، وأحيانًا بتنسيق مشترك بينهما، ولطالما نفّذت هذه الميليشيات التي تضم أيضًا “جيش تحرير بلوشستان” وحركة “أنصار الفرقان” “وجند الله” عمليات في البلدين على حد سواء، وضد التجمعات الشيعية والصوفية.
ولعل الإدانة الباهتة التي أعلنت عنها وزارة الخارجية الباكستانية كانت في الأصل تتضمن القبول بها حينما ركزت على إبراز ضعف تأثيرها، وقالت إنها تسببت في مقتل طفلين وإصابة ثلاث فتيات، وذرت الرماد في العيون الأمريكية الراصدة حينما قالت “إنها تدين بشدة هذا الهجوم وإن انتهاك سيادة باكستان أمر غير مقبول على الإطلاق، ويمكن أن تكون له عواقب وخيمة”، ولعل الرد الباكستاني الذي استهدف مجموعات انفصالية في محافظتي سيستان وبلوشستان الإيرانيتين هو الآخر لا يوجع إيران كذلك، بل إنه يصب في المصلحة المشتركة ذاتها.
مصلحة أمريكية
وتتسبب الجماعات الانفصالية والطائفية الناشطة في محافظتي بلوشستان وسيستان الإيرانيتين في نزيف متكرر للدماء بين الحين والآخر في مناسبات دينية وسياسية متنوعة من خلال اتباعها أسلوب الاغتيالات والتفجيرات المباغتة.
وتتهم طهران كلًا من أمريكا وإسرائيل بدعم هذه الجماعات بغية زعزعة تماسكها الداخلي وكسر نفوذها الخارجي، ولذلك ربطت بين التفجيرين المتعاقبين اللذين استهدفا زوارًا لمرقد قائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني الأسبوع قبل الماضي وبين تلك الجماعات، وبالتالي نسبت الأمر برمته لإسرائيل خاصة مع التصعيد بين البلدين بسبب العدوان على غزة ومضاعفاته.
ويعزز ذلك الاحتمال أن الهجمات الإيرانية على بلوشستان الباكستانية ترافقت مع هجمات أخرى على ما قالت إنه معقل للموساد الإسرائيلي في مدينة أربيل الكردية في العراق.
وهناك سجل طويل لعمليات تلك الجماعات الانفصالية في البلدين يلاحظ فيه بجلاء نشاطها في الأوقات التي تشهد توترات إقليمية، أو وجود حاجة غربية لممارسة الضغط السياسي على طهران، أو حتى إسلام أباد.
طريق الحرير
أما إذا تعلق الحديث بالاقتصاد فإن ما يجمع باكستان وإيران أكبر بكثير مما يفرق بينهما، ولعل المشروع الصيني العملاق “الحزام والطريق” الذي يمر عبر إقليم بلوشستان الذي يمتد بين الدولتين لهو أكبر دليل على صحة هذه الرؤية، فقد ألقى بطوق النجاة لإيران للخروج من الحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها أمريكا والدول الغربية، وحسّن من علاقتها مع الصين لدرجة جعلت منها المستورد الكبير لنفطها بما قيمته 400 ألف برميل يوميًا.
ومنذ أن أقرت الصين خطة هذا المشروع الذي يهدف إلى استثمار مئات المليارات من الدولارات، ومد آلاف الكيلومترات من الطرق المعبدة وأنابيب الغاز والطاقة رحبت به إيران بشدة، وحلمت باستعادة مجد طريق الحرير الذي تمر أجزاء منه عبر أراضيها خاصة في بلوشستان -محط العمليات الإرهابية- ليصل بحر الصين بأوروبا وإفريقيا، ومع ذلك ما زالت كثير من البلدان تراودها المخاوف من الانضمام الإيراني لهذا المشروع، وما قد يستتبعه من تعقب أمريكي.
فيما تتجاوز المكاسب الباكستانية المباشرة من المشروع الصيني 64 مليار دولار، فضلًا عن أنه يمكنها من الاستفادة القصوى من الثروات المعدنية التي يتمتع بها إقليم بلوشستان، ونظرًا لأهمية المشروع لاستقلالها نجد هناك تصريحًا لمساعد رئيس الوزراء الأسبق عمران خان يؤكد فيه أن الولايات المتحدة وبدعم هندي تسعى لإفشاله.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لمشروع أعدته الصين، فماذا لو اجتمعت معها باكستان النووية، واجتمعت معهما ثالثة الأثافي إيران المارقة عن الحظيرة الأمريكية، وكان مركز كل هذا التجمع “بلوشستان”؟
التعاون الاقتصادي
بقدر حاجة إيران إلى فتح أسواق تتحدى الحظر الغربي المفروض على منتجاتها عامة والنفطية خاصة التي تمتلك وحدها نحو 10% من احتياطاتها المؤكدة في العالم، فإن باكستان هي الأخرى بحاجة ماسة للنفط الإيراني، وقد حدث عام 2010 أن وقّع البلدان “مشروع السلام” لتوصيل الغاز الإيراني إلى باكستان، لكن إسلام أباد تراجعت بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، فضلًا عن اضطرابات إقليم بلوشستان في البلدين.
وسعت باكستان أثناء فترة حكم رئيس الوزراء عمران خان إلى العودة لتنفيذ هذا الاتفاق، ووقّعت صفقات عدة لتزويدها بالطاقة بنظام الصفقات الآجلة، وهي الطريقة التي تناسب حالة البلاد الاقتصادية المتردية، وظل الأمر قائمًا إلى الآن وسط مخاوف من أن تنجح الضغوط الأمريكية المتوقعة للعصف بهذا التكامل البناء.
وبعد ذلك التكامل كله بات واضحًا أن أي تصعيد بين البلدين مستقبلًا سيكون قطعًا استجابة لضغوط أمريكية وإسرائيلية.
https://bit.ly/3HCKVQi
الثلاثاء، 9 يناير 2024
سيد أمين يكتب: الحرب على الدحدوح
الزميل وائل الدحدوح وكريمته اليوم في مشهد مؤثر (الفرنسية)
كأن إسرائيل أرادت أن تجعل من مراسل الجزيرة في غزة وائل الدحدوح نموذجًا مصغرًا لإجرامها وعدم اكتراثها لا بقوانين المجتمع الدولي ولا حتى بقوانين البشر، وكأنها حينما أعلنت حربها الوحشية على غزة كانت تقصده هو وأسرته، وكل مكان دبت فيه قدمه وله فيه ذكريات، وكذلك القناة الفضائية التي يعمل فيها.
فبعدما استهدفت صواريخها زوجته وابنه وابنته وحفيده وعددًا من أقاربه وجيرانه وأصدقائه منذ أشهر قليلة، عادت لتقتل من تبقى من أسرته حيًا فاستهدفت ابنه الصحفي حمزة ليرتقي شهيدًا هو الآخر.
أما وائل الدحدوح فغالب جراح روحه التي عاناها في “الفَقد” الأول على حملها الثقيل وظل رافعًا رأسه، وكأنه يغالب “فقدًا” آخر أكبر فداحة عانته أمته العربية والإسلامية من نقص في العزة والكرامة والنخوة، ليحسده بذلك الحاسدون على تلك البسالة التي لا يمكن أن تتوافر في بشر إلا في الأساطير.
جريمة قتل الصحفيين حمزة الدحدوح ورفيقه مصطفى ثريا ليست من جرائم القتل العشوائية التي دأبت إسرائيل على ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني طوال تاريخها فحسب، ولكنها على الأرجح هي حادثة متعمدة في محاولة لعقاب الأصوات الصادحة بالحقيقة التي تأتي في القلب منها قناة الجزيرة، ليرتفع عدد الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل نحو 109 صحفيين في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
والمتابع لـ”قناة الجزيرة” في هذا العدوان وما سبقه من حروب سيكتشف منذ اللحظة الأولى أنها القناة العربية العالمية الوحيدة الأكثر فضحًا لجرائم الكيان الصهيوني، وأنها استطاعت منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” كشف الحقيقة لمئات الملايين حول العالم، وبالتالي فإنها لهذا السبب صارت هي القناة التي يحرص الاحتلال دومًا على تحييدها، ومثلت حجر عثرة يمنع تحقيق طموحاته الدموية في الظلام.
تجربة شيرين أبو عاقلة
ولا شك أن الجريمة البشعة هي استمرار لسياسة تكميم الأفواه التي اتبعتها إسرائيل منذ عام 2000 وما قبلها، وكانت أبرز ملامحها اغتيالها عن عمد الراحلة شيرين أبو عاقلة في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة منتصف العام قبل الماضي، وهي الجريمة التي قلنا وقتها إنها متعمدة وتعطي إشارة لسوء نية بيتتها إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني في هذه المنطقة، وكانت بحاجة لإخراس الأصوات وتغمية العيون الناقلة لحقيقة ما سترتكبه فيها من مجازر مستقبلًا.
وأثبتت الأحداث أنه عقب الجريمة مباشرة تصاعدت حدة الاقتحامات وأعمال الهدم والقتل طيلة العام عن سابقه بشكل ملحوظ، حيث كان عدد شهداء الضفة قرابة 100 شهيد عام 2021، ثم قفز هذا الرقم عام 2022 ليصل إلى 171 شهيدًا، وانتهى عام 2023 وما زال عدد الصحفيين الشهداء غير معروف، ولكن جهات رصد متنوعة تتوقع أن يقترب من رقم 200 في غزة والضفة.
فيما ابتدعت إسرائيل أسلوبًا آخر لتكميم الأفواه وترهيب ناقلي الحقيقة، وهو استهدافها أسر الصحفيين بالقتل والاعتقال، قاصدة بذلك تجنب الانتقادات الدولية التي تطلقها الجهات المختصة بالصحفيين على ما فيها من هشاشة وضعف.
فوق القانون
ومن المؤلم حقًا أن جرائم إسرائيل لا تحاسب عليها أبدًا، وكما مرت جريمة شيرين أبو عاقلة دون عقاب ستمر جريمة اغتيال أسرة الدحدوح ومعهم آلاف الشهداء من الأبرياء في غزة أيضًا، بعدما صار إفلات إسرائيل من العقاب أمرًا بديهيًا يعرفه الجميع، عرب وعجم.
ومع هذا الجنون الغربي الذي يصعد بالإسرائيلي لمرتبة ما فوق البشر، ويصدر له قوانين تجرم إنكار “الهولوكوست” الذي يقول إن اليهود تعرضوا له على يد هتلر، ويجرم معاداة “السامية” ويخص بها الصهاينة فقط مع أن العرب أيضًا من هذا الجنس نفسه بوصفهم أحفاد لسام بن نوح، إزاء كل ذلك فلن يكون غريبًا إذا قامت الدول الغربية بإصدار القوانين التي تسمو بالمواطن الإسرائيلي عن نظيره العربي في القيمة.
تضامن صحفي
يستطيع الصحفيون العرب إبداء فزعهم لما جرى لأسرة زميلهم وائل الدحدوح عبر تنظيم عديد المظاهرات والندوات بخصوص الجريمة، ومخاطبة الجهات الدولية والعاملة في الحقل الصحفي للعمل على معاقبة إسرائيل على جرائمها.
كما يستطيعون التناول المباشر في أعمالهم للصعوبات التي يواجهها الإعلاميون في غزة والضفة، والاستهدافات التي تلحق بهم وبأسرهم جراء مزاولة عملهم، وتشجيع العاملين في المواقع والصحف الغربية على الاحتجاج والإضراب عن العمل بها ما لم تتعامل إداراتها التحريرية مع تقاريرهم التي يقدمونها بشيء من الاحترام والموضوعية، وأن تتوخى مواقعهم نشر الحقيقة وليس ما تريد الإدارة أن تنشره في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي.
………..
أعانك الله أخي وائل الدحدوح، فحملك وحمل أمتنا ثقيل.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
السبت، 30 ديسمبر 2023
سيد أمين يكتب :الطرق الشعبية للدفاع عن اللغة العربية
29/12/2023
في صمت عدا من أخبار خجولة في موقع هنا أو هناك، مر على أمة الضاد في 18 ديسمبر الماضي اليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي لولا أن أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 ضمن ست لغات فقط من بين آلاف اللغات في العالم كرمتهم المنظمة الدولية باحتفالات خاصة، واحتفلت بها مكاتبها في كل عام، ما تذكره حكام العرب ولا سعوا إليه، بل إنه لو خُيروا بين الاحتفال به والاحتفال بأي شيء آخر لاختاروا هذا الآخر مهما كان، وذلك لأنهم ببساطة هم من يعملون خلف الكواليس ضد هذه اللغة!