الجمعة، 30 يوليو 2021

سيد أمين يكتب: ملاحظات على انقلاب تونس


ما حدث في تونس كان انقلابا ولكن بطريقة مبتكرة، فهو عسكري ولكن لم يظهر فيه العسكر علنا إلا تحت غطاء تنفيذ أوامر الرئيس المدني المنتخب، متناسون في ذلك أن البرلمان أيضا منتخب وهو ممثل الشعب مصدر السلطات، ولا يحق للرئيس حله ولا تجميده وأن الفيصل بين الجميع هو الدستور وقرار الرئيس يخرقه بشكل واضح.
وأيضا هو انقلاب مدعوم إقليميا مع أنه لم يظهر فيه الإقليم بأمواله وتحالفاتهم الدولية علنا حتى الآن على الأقل، لكن ظهر بإعلامه المزيف للحقائق، بل والمختلق للأكاذيب والذي يقوم بإضفاء الشعبية والبطولة على أعمال البلطجة والحرق والنهب وخرق القانون التي قام بها خارجون عن القانون ضد مقار حركة النهضة وأحزاب متحالفة سياسا معها.
المدهش أن من قام بالانقلاب على الدستور ومعايير ثورة الياسمين هناك، هو أستاذ قانون دستوري، وهو ثمرة من ثمار ثورة الياسمين.


الحصاد المر

هو انقلاب قديم تمت تسويته على نار هادئة حتى يكتسب زخما شعبيا قبل أن يخرج للعلن، وذلك من خلال تحميل حركة النهضة -التي تمتلك الأغلبية غير المطلقة في البرلمان- بمفردها إعلاميا كل أوزار المعاناة التي يعيشها المواطن التونسي وتعيشها من قبله البلاد، مع أنها لا هى ولا غيرها من أحزاب تونسية لها علاقة بخراب اقتصادي وشيك لبلد عاش لعقود نهبا للفساد والاستبداد وحكم الفرد، فضلا عن قلة موارده الاقتصادية.
ومع ذلك فشلت حركة النهضة وفشلت وسائلها الإعلامية في شرح الحقائق للناس تارة تحت أنها أمور معروفة بالضرورة، وتارة أخرى لاعتبارات سياسية لا ينبغي أن تخرج للعامة، وفي أحيان كثيرة بسبب كثافة الهجوم الإعلامي الكبير الموجه نحوها رأت أنه بالتزامها الصمت تخمد اشتعال النار.
وجراء ذلك ظلت تتناقص شعبية الحركة في الشارع التي بعدما احتلت وحدها نحو 40% من برلمان الثورة “المجلس الوطني التأسيسي التونسي عام 2011” أصبحت تمثل الآن نحو 25%منه فقط ، وهو ما كان يستلزم أن تقوم الحركة بدراسة أسباب هذا التناقص الكبير ووضع حد سريع لوقف تآكل شعبيتها.


هشام المشيشي

ومن عجيب العجائب، أن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الذي حاز الغضب الأكبر من قبل المؤيدين لانقلاب قيس سعيد بسبب فشله في تحسين الاوضاع الاقتصادية للبلاد، كان في الأصل من اختيار الرئيس نفسه، وكان مستشارا قانونيا له، وعينه بنفسه وزيرا لوزارة سيادية مهمة كالداخلية، وفي المقابل كانت حركة النهضة من أبرز من اعترضوا على قيامه بتشكيل الحكومة قبل أن ترضخ لضغوط رئاسية لقبول حكومته في البرلمان.
ثم بعد ذلك تبدلت المواقف، ليصير الرئيس ضد المشيشي والنهضة معه مع حدوث متغير مهم للغاية وهو أن الشارع ضاق ذرعا بهذا الانسداد السياسي والفشل الطويل من الحكومات المتعاقبة.
وبالطبع وقوف النهضة مع المشيشي بعدما احترقت صورته شعبيا تسبب في مزيد من التشويه لها، ولم تجنِ جراء ذلك إلا الأشواك.
رغم أن المشيشي أيضا لم يكن أصلا صانعا للفشل في الازمة التونسية بل أنه جاء ورحل والازمة في أوج اشتعالها.


هيبة البرلمان

كما أن عجز البرلمان عن تشكيل حكومة مستقرة متوافق عليها طيلة السنوات الماضية لا تتحمل أوزاره الحركة ذات الأغلبية فقط، بل كتل اخرى كثيرة معها لم ترق إلى مستوى المسئولية وحولت البرلمان إلى ساحة لتحقيق أجندات خارجية ومناكفات خرجت في كثير من الأحيان على حدود اللياقة والأدب والعمل السياسي والتشريعي، وظهر من خلفها التمويل الخارجي.
ومن ضمن هؤلاء النموذج الذي تبنته النائبة بكتلة الدستورى الحر عبير موسي ابنة الدولة العميقة والتي تنتسب لأب كان يعمل في الأمن القومي التونسي، والتي حالت عدة مرات دون أن يلقي رئيس البرلمان كلمته كما حدث في 20 يوليو/تموز 2020 خلال افتتاح جلسة كانت مخصصة للإعلان عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحوكمة ومكافحة الفساد، وحملت موسي خلالها لافتات تطالب بطرده من المجلس بوصفه “إرهابي”، مرددة داخل المجلس شعارات عدائية بذيئة.
ولأن التسامح المفرط يشجع على التمادي، لم يمسها أحد بسوء على هذه الجرائم، ولذلك لم تتوقف هى عن ارتكاب ذات الجريمة، ما أخل بهيبة البرلمان كثيرا في الداخل والخارج، رغم أن كتلتها البرلمانية لا تشكل سوى 16 نائبا من إجمالي 217 نائبا يمثلون إجمالى عدد نوابه، تشارك النهضة فيهم بنحو 54 نائبا وبأكثر من ضعف هذا العدد كحلفاء من أحزاب أخرى.


استدعاء الجيش

ما يبدو من الصراع الذي يطفو على السطح الآن في تونس أنه لا يزال مدنيا مدنيا، وإن حسنت النوايا فإنه يمكن حله بالطرق الديمقراطية، والخوف كل الخوف أن يتمادى الرئيس في الزج بالجيش في هذا الصراع مستعملا صفته كقائد أعلى للقوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي، وقتها قد يقوم الجيش بالانقضاض على الجميع بما فيهم سعيد نفسه وثورة الياسمين التي أتت به وبالنهضة.
هذا الزج بدت ملامحه بقيام سعيد بإصدار أوامر للجيش بإغلاق البرلمان وبتهديده في الخطاب الأزمة بأن من يطلق رصاصة واحدة سوف يواجه بوابل من الرصاص، ما يعني أن هناك نية لاستدعاء القوة في الصراع السياسي، وأنه من الممكن أن يتحول لصراع دموي لتدخل تونس المدخل إلى دخلته دول عربية أخرى كثيرة.
ما يطمئن الكثيرين أن الجيش التونسي لم يتدخل كثيرا في السياسة وأنه لم يوجه سلاحه لشعبه.

ولكن إغراءات السلطة وذهب المتربصين قد يغري.

الثلاثاء، 30 مارس 2021

سيد أمين يكتب : تفسيرات روحية لحالة الأمة المزرية

 

يذهب بعض بسطاء السوريين إلى أن سبب تفشي القتل والموت في سوريا يعود لاستجابة ربانية لدعاء درج السوريون للتخاطب به بعضهم البعض، ويقولون أن لفظة "الله يقبرك" وتعني أن "تموت وتدفن في القبر" ، وانها هي من تسببت في كل شلالات الدم التي تساقطت في سوريا ،حتى وإن كان يتم التخاطب به بين الأهل والأصدقاء على سبيل الدعابة ودون قصد.

فيما يدعمهم أشقاؤهم من بسطاء المصريين ويؤكدون تصديقهم لهذه المدلولات والتأثير للكلمات العابرة لدرجة توجب عليهم الرد على من يقول شيئا سلبيا بعبارة "فال الله ولا فالك" وذلك لكبح التأثير السلبي لكلماته السيئة، ويقولون أن الدعاء بـ"خراب البيت" الذي يردده المصريون بشكل فيه شئ من الدعابة والتلقائية في أحاديثهم ، هو ما تسبب في أن تكون مصر هي من الدول الأعلى عالميا في منسوبات الطلاق بين الزوجين وتفتت الأسرة و"خراب البيوت"ـ ويختزلون الأمر برمته بعبارة "السم في اللسان".

ويؤكد النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم هذا المعنى عندما أخبر بأن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يدخل بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً،  فيما يقل الله في محكم كتابه "ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد".

الغريب أنه رغم كون مثل تلك التفسيرات عن تأثير الكلام تعتبر في شق كبير منها أشياء "لا معقولة" إلا أن علماء نفس غربيون راحوا يبحثون عن جانب علمي لها .

فقد نشرت مجلة "جورنال سايكولوجيكال ساينس" الامريكية بحثا عام 2008 توصل فيه باحثون نفسيون إلى أن هناك جانباً في المخ قد يكون مسئولا عن التجارب والكلمات المؤلمة التي يتعرض لها الإنسان وهو القشرة المخية التي تقوم بعمليات معقدة تشمل التفكير والإدراك واللغة وإن هذا الجزء من المخ يحسن قدرة الإنسان على التكيف مع الجماعات والثقافات كما أنه مسئول عن رد الفعل على الألم الذي له علاقة بالجماعة.

الدعاء على الظالمين

قديما وحتى وقت قريب – وربما لا زال – كانت النظم الحاكمة في العالم تجبر الأئمة في المساجد ، والقساوسة في الكنائس ، والرهبان في المعابد ، بالدعاء للحاكم أو الملك أو السلطان وبعض النافذين في الدولة بالسداد والنصر وتمام الصحة وطول العمر.

لذلك لم تعتري أمثال هؤلاء، وبعض المشتغلين في علوم اللاهوت والروحانيات والميتافيزيقا ، الدهشة كثيرا حينما عاقبت السلطات المصرية الداعية الإسلامي واسع الصيت محمد جبريل قبل أعوام بسبب دعائه على الظالمين رغم أنه تجنب الاقتراب من الحاكم أو الحكم أو المتنفذين في الدولة، لأنهم يعلمون تأثير هذا الدعاء القطعي، كما تندرنا جميعا حينما صدرت الأوامر شفاهة لأئمة المساجد تحرم عليهم الدعاء على الظلمة والظالمين ، فاختفى هذا الدعاء تماما من منابر مساجد الدولة ، واعتبرناها دليلا كافيا على من أمر.

وفي تصوري أن القرار جاء انسجاما لرؤية ميتافيزيقية خارقة للطبيعة مفادها أن إجماع الناس على الدعاء بأي شئ لابد أن يتم الاستجابة ، ولذلك فان الدعاء بطول العمر وجعلها كلمة مقترنة بأسماء الأمراء والملوك لا سيما في الخليج ، يوحى بوجود توصيات من خبراء في الميتافيزيقا ورجال الدين بذلك.

وربما يكون الأمر قد تجاوز ذلك للدرجة التي تجعل من أنه متى تحقق إجماع أو شبه إجماع بين الناس على وجود "بركة" أو استجابة أو فك كرب أو قضاء حاجة في "شجرة أو شيخ أو مكان أو في فعل معين" فان ذلك أيضا يتحقق بدرجة ما.

ولعل التفسير الذي يذهب إليه بعض المصريين حول سر المثل الشعبي "احنا دافنينه سوا" يشير إلى هذا المعني بشكل كبير.

حيث يقولون أن أخوين فقيرين كانا يمتلكان حمارا أطلقا عليه لقب "أبو الصبر" لشدة صبر على معاناته معهم ، وكان يمثل كل ثروتهما ، فلما مات حزنا عليه بشدة ودفناه وأقاما عليه خيمة ليبكيان تحتها ، ولما سألهما المارة قالوا أنهما يبكيان لموت "أبو الصبر"، فتعاطف معهم الناس وظلوا يشاركونهما البكاء ظنًا منهم أنه رجلا صالحا صاحب كرامات فأغدقا عليه بالقرابين ورووا عنه الكرامات لسنوات ، ولم يفتضح أمره إلا حينما اختلف الشقيقان حول قسمة تلك العطايا وأراد أحدهما أن يحوز أكثر من الآخر فاخذ يقسم بمقام "أبو الصبر" انه الأكثر اجتهادا وخدمة للمقام ، فنهره الأخر بين الناس قائلا "نسيت الحمار، داحنا دافنينه سوا".

هذا هو احد التفسيرات مع إنني لا أجزم بصحتها.

الفعل العكسي

ويقول بعض المنجمين ومفسري الرؤى والأحلام أن قصك لرؤياك لكارهيك تجعلها تنقلب عكسا عليك، فإذا حلمت بشر حاق بك وقصصته عليهم يذهب شره ، خاصة أنهم يؤكدون أن الرؤيا السيئة تقع في خلال ثلاثة أيام على الأكثر من حدوثها وبعد ذلك تفنى.

وهذا فيما يبدو هو السر الذي يجعل الفضائيات العربية لا سيما المصرية والمعروف بتمكن أجهزة المخابرات منها بشكل كامل تحفل في مطلع كل عام جديد بأخبار الرؤى والأحلام وقراءات الطالع والفلك والنجوم التي تتحدث عن المؤامرات ومحاولات الاغتيالات التي ستطال قادة بلدانهم ، وكأنهم يعلنونها على الملأ لتفشل.

فقد خلق الله الطريقين ، طريق المنطق وطريق اللا منطق، فعلم الإنسان المنطق بأن منحه العقل ، فسعى ونمى ، وفي أي مكان أو زمان يفعل المنطق ما تعجز عنه كل الألسنة واللغات في تسهيل التفاهم بين الناس وتوسيع أرضية المسلمات بينهم حتى صاروا يختلفون في كل شيء تقريبا ولكنهم يتفقون حوله ،ولذلك نجد الباغي الغاصب لاملاك غيره لا يقوم بالطعن في مسلمات المنطق حول قواعد التملك ولكنه يسعي إلى منطقة حجته في الاغتصاب وإسباغها سبغة العدل.

وعلم كائنات أخرى لا نعرفها اللامنطق وجعله طريقها فسعت ونمت أيضا، ولذلك فان كل ما يفتقد للمنطق يشار إليه بأنه قد مسه السحر فتغيرت خواصه وحواسه، ولو تفرغت لدقائق لتنظر حولك بقليل من التركيز حول ما هو منطقي وما هو سحري لاكتشفت الكثير.

وتبقى الحقيقة بأن كل ما قلناه من قبل قد يكون شعاع هارب من عالم اللامنطق نحاول أن نبحث له عن تفسير، وهو لا يفسر.

الخميس، 25 مارس 2021

سيد أمين يكتب: "صاحبة الجلالة".. من تحرير الوطن لتحرير الكراسي

 


نشر المقال لأول مرة في عربي 21

بعضهم لجأ لاستئجار مقهى وأحيانا اضطر للعمل فيه، أو استأجر محلا ليبيع فيه البقالة أو الخدمات المكتبية أو مهمات الكمبيوتر، وبعضهم افتتح مطعما يبيع فيه الفول والطعمية، وأفقرهم من قام بتمويل "عربة فول" من تلك العربات التي تنتشر في كل مدن مصر وأحضر أقارب له للعمل عليها، ومنهم من اقترض من البنوك ليحصل على سيارة يديرها كسيارة أجرة.

وهناك من هم من ذوي الأطيان - وهي تقاس بالقراريط في الغالب

الاثنين، 1 مارس 2021

سيد امين يكتب: الهرمجدون .. هل جمعت بين ترامب واليهود وفرقت بينهما؟

رغم أن الرئيس الامريكي المثير للجدل دونالد ترامب قدم لاسرائيل ما لم يقدمه أحد لها من قبل ، بدءا من زوج ابنته لليهودي جاريد كوشنر وعينه وزيرا لخارجيته، ثم قراره بنقل سفارة بلاده الى القدس واعترافها بأن كامل المدينة المقدسة عاصمة لاسرائيل، ومعها الجولان السورية المحتلة ، ثم تدبيره لصفقة القرن التي تنهي القضية الفلسطينية صالح اسرائيل ، نهاية بموجة التطبيع الاجباري التي فرضها علي “أثماله” العربية مع هذا الكيان، رغم كل ذلك لم يحظى ترامب برعاية اللوبي اليهودي في امريكا على ما يبدو ما تسبب في سقوطه الذريع .

تأثيرات انتخابية

تشير المعلومات الى أن هناك اكثر من 6ملايين يهودي يقطنون في عدد من الولايات والمدن الامريكية المهمة مثل نيويورك ولوس انجلوس وميامي وسان فرانسيسكو وشياغو ، واغلب تلك المناطق صوتت لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة وأن هذه الجالية اليهودية كان بامكانها بمفردها أن تحقق الفوز لترامب لو صوتت له في تلك الولايات وحققت التعادل بينه وبين بايدن بحيث يتم خصم هذا العدد من الـ 86 مليون الذين صوتوا لبايدن ويضافوا للأصوات التي حصل عليها ترامب ليصل عدد المصوتين له الى 80 مليون شخص ، فضلا عن قوتها الاجتماعية والاقتصادية التي كان يمكن استخدامها لاقناع أو اجبار شرائح أخرى من غير اليهود للتصويت له.

وبالطبع كل ذلك كان سينعكس ايجابا على اصوات ترامب في المجمع الانتخابي.

بالقطع ستثير تلك التكهنات دهشة الكثيرين واستنكارهم لها ، فلماذا يقابل اليهود اليد التي امتدت لهم بالعرفان بهذه الضربات الموجعة؟ وهل فعلوا ذلك كرها لترامب ام حبا في بايدن؟

تأثيرات عقائدية

يرد الداعمون لهذا التوجه بمعلومات اكثر غرابة تتعلق كلها بالتوجهات الدينية لكل من الصديقين “اللدودين” والذين جمعت بينهم الايديولوجية الدينية وهى التي فرقت بينهم أيضا في أخر المطاف.

فمن المعروف ان ترامب واحدا من الرءوساء الامريكيين الذين عرفوا بتأثرهم بشدة بمرجعيتهم الدينية البرستانتيه المشيخية ، وانه توجه الى الكنيسة القريبة من البيت الابيض حاملا الانجيل حينما داهم المحتجون الرافضون لسياساته المكان ليعلن للعالم تمسكه بوجهته العقائدية في بلد يتحلى ولو شكليا برداء العلمانية.

وحتى حينما هاجم انصاره مقر الكونجرس بعد اعلان فوز بايدن كان كثيرون منهم يحملون صلبانا ،وبينهم عدد من العرافين وقراء الحظ والطالع، وقيل انه كان بينهم قارئ الطالع الخاص بترامب نفسه.

ويقولون ان تدين ترامب بهذا المذهب – كما يقولون – جعله يؤمن بشكل جازم بضرورة وقوع معركة “الهرمجدون” او معركة “نهاية العالم” التي ستحدث بين السيد المسيح “عليه السلام ” بعد عودته الثانية كممثل لقوى الخير، ويين من لا يؤمنون به وسيفنيهم جميعا في “مدينة القدس” كممثلين لقوى الشر.

“مع ملاحظة أن وقوع تلك المعركة الفاصلة بين قوى الخير والشر في نهاية الزمان يؤمن بها انصار الديانات السماوية الثلاث ولكن يروونها بطرق مختلفة وكل فصيل بنسب الانتصار فيها لنفسه”.

الجديد هنا أن ترامب – بحسب المؤمنين بهذه النظرية – يعتقد أن اليهود من ضمن قوى الشر التي سيتم افنائهم، وأنه مع تخريب مدينة القدس لابد من تدمير هيكل داوود” أو”سليمان”.

ونظرا لأن هذا الهيكل غير موجود كي يتم هدمه ، فإنه من الضروري مساعدة اسرائيل لبسط سيطرتها الكاملة على كامل مدينة القدس، وتمكينها من اعادة بناء الهيكل أو العثور عليه أسفل “المسجد الاقصى” من ثم تهيئة الأجواء لعودة المسيح وهدمه، وتخريب القدس ،والقضاء على كل قوى الشر يهودا ومسلمين.

ولليهود سببا اخر للخلاف مع ترامب ، وهو أن الرجل يؤمن تماما بوجوب سيطرة الجنس الابيض على الحكم في امريكا بعدما افقدتهم “سياسة التجنيس والهجرة والمعايير الديمقراطية” السيطرة على مفاصل الحكم هناك ، بينما اليهود لا ينتمون للجنس الابيض ، وهم ايضا يؤمنون بانهم الافضل لكونهم “شعب الله المختار” كما يزعمون.

لذلك رأي اليهود أن اكتمال نصر ترامب وتمكنه من احداث تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة في امريكا وفي العالم لن تصب في النهاية لصالحهم.

الساسة الامريكيون ومعركة النهاية

والحقيقة ان هناك الكثير من الساسة الأمريكيون ينتهجون نهج ترامب ، وبحسب كتاب “النبوءة والسياسة” للكاتبة الأمريكية جريس هالسيل فإن النبوءات التوراتية تحولت في امريكا إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية وكلهم يعتقدون قرب وقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجعون التسلح النووي ويستعجلون وقوع هذه المعركة باعتبار أن ذلك سيقرب مجيء المسيح.

وفي هذا المعنى تحدث الرئيس الأمريكي ريجان عام 1980م في مقابلة متلفزة أجريت معه مع الاعلامي المسيحي المتدين جيم بيكر قائلا: “إننا قد نكون الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون”.

وفي تصريح آخر له: ان هذا الجيل بالتحديد هو الذي سيرى هرمجدون.

أما الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش فقد نقلت عنه مجلة دير شبيجل الألمانية عام 1988 قوله “منذ ذلك الوقت أصبح بوش واحداً من الستين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثانية للمسيح وهذا ما دعاه إلى القول: بأن المسيح هو أهم الفلاسفة السياسيين في جميع الأزمنة لأنه ساعدني على التوقف عن شرب الخمر”.

ويتضمن كتاب “لو كررت ذلك على مسامعى فلن أصدقه” لمؤلفه الصحفى الفرنسى “جان كلود موريس” أخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكى “جورج بوش الابن” والرئيس الفرنسى السابق “جاك شيراك”، والتى كان يجريها الأول لإقناع الثانى بالمشاركة فى الحرب التى شنها على العراق عام 2003، بذريعة القضاء على “يأجوج ومأجوج”.

ويقول مؤلف الكتاب ان بوش الابن كان من أشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية، وكان مهووساً منذ نعومة أظفاره بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح، والانغماس فى المعتقدات الروحية المريبة، وفى مقدمتها (التوراة)، ويجنح بخياله الكهنوتى المضطرب فى فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من المعابد اليهودية المتطرفة.

وفي عام 1991 واثناء الحرب على العراق نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الحاخام «مناحيم سيزمون»، الزعيم الروحى لحركة حياد اليهودية، مفاده بأن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح “اليهودي” المنتظر.

وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش صدرفي قبرص عام 1990 يقول:توجد هيئات وجمعيات سياسية وأصولية في امريكا وكل دول العالم تتفق في أن نهاية العالم قد اقتربت، وأننا نعيش الآن في الأيام الأخيرة التي ستقع فيها معركة هرمجدون، وهي المعركة الفاصلة التي ستبدأ بقيام العالم بشن حرب ضد دولة إسرائيل، وبعد أن ينهزم اليهود يأتي المسيح ليحاسب أعداءهم ويحقق النصر، ثم يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام يعيش العالم في حب وسلام كاملين.

وهناك في الحقيقة العديد من التصريحات التي يدلي بها مسئولون أمريكيون وغربيون تكشف عن سيطرة هذه العقيدة على سياستهم الخارجية والداخلية

الأربعاء، 20 يناير 2021

Recent Arab-Israeli Normalization.. Who Wins What?

 by-Sayed Amin

Egyptian Institute for Studies.

Israel has not achieved a great victory worthy of this hustle and celebrations with respect to the new normalization package after signing agreements with the UAE, Bahrain and Sudan; just as it did not achieve a great victory in its previous normalization efforts after signing of the Camp David Accords with Egypt and the Wadi Araba Agreement with Jordan.

The only difference in the new normalization package is that it pushed the malicious relationship from darkness into the open. In addition, Israel

الأربعاء، 6 يناير 2021

الثلاثاء، 5 يناير 2021

سيد أمين يكتب: دردشة عن البركة وعلم العدد

 

يحلو للناس الحديث عن الغيبيات أو اللامنطقيات و"الميتافيزيقا" أو علم "ما وراء الطبيعة" ، فهي راسخة ومتجذرة في عقول وأفئدة الناس ، من خلال التجربة أحيانا والنقل عبر الرسل والأنبياء والصالحين في أغلب الأحيان.

ويجتهد كثير من الناس لإظهار تشبثهم بحبائل المنطق في تبرير تصرفاتهم ، ويكرسون جل جهدهم للظهور بكونهم أناسا منطقيين، مع أنهم في كثير من الأحيان لا ينتصرون للمنطق ولا يعملونه أو حتى يعلمونه، لكنهم يمضون خلف تلك البواعث الداخلية العميقة المدهشة التي توجههم إلي فعل هذا ورفض ذاك وحب هذا وكراهية ذاك.

نحن لسنا هنا بصدد الحديث عن الأديان فهي "تابوهات" مقدسة تؤخذ بماهيتها كما هي وكما اخبرنا عنها الرسل والأنبياء والصالحين بما لها من نسق ، وهذا مصدر الإعجاز والحيرة فيها ، ولسنا أيضا بصدد الحديث عن السحر والمس والحسد رغم أن ذلك يأتي ضمن هذا النوع من التفكير وان كان قد صبغ بصبغة الابتذال والسوقية من فرط الحديث عنه.

ظواهر أخري

ولكن نحن بصدد ظواهر أخري لما يرد عنها نقلا ولم يستطع أن يفسرها لنا العلم لكنها حقائق يقينية يعيشها الناس منذ نشأة الخليقة ،وإلا فما تفسير أن يشعر أحدنا أحيانا انه عاش تلك اللحظة أو الموقف من قبل، أو أن يتوقع أحدنا حدوث شيء ما فيحدث تماما كما توقع دون وجود أي مسببات منطقية له ، أو أن يشعر بمشاعر الحب والاحترام والسكينة والأمن تجاه شخص لم تلتقيه في حياتك من قبل أبدا، وتشعر بمشاعر مناقضة تماما تجاه أخر مجرد أن تراه ، أو أن يتواصل اثنان كلا منهما في نصفي الكرة الأرضية ذهنيا دون سابق معرفة، أو أن يتعثر أحدنا مرارا في زيجته أو عمله أو تجارته دون وجود أي معيار منطقي بأي شكل ، لا في الشكل ولا اللون ولا القبح ولا الجمال ولا اللون ولا الجنس ولا الدين ولا العلم وغيرها.

وما معني الإيمان السائد عند الناس جميعا بالبركة والنحس حيث كانوا يقومون قديما بنثر حبوب القمح ليبنوا عليها جدران المنازل طمعا في النماء والرخاء ، ويقوم أصحاب المحال بسكب الماء أمام محالهم قبل بدء العمل طمعا في زيادة البيع وكثرة الزبائن؟ وما هو سر القدرات الخاصة؟

الإجابة علي تلك التساؤلات غاية في الصعوبة ولكنها قد تنقلنا جبريا إلي الحديث عن الإله الواحد الذي لم ندركه ولم نراه ولكن بصمات وجوده وخلقه لنا واضحة، تنقلنا تارة إلي النسق المنطقي وتارة إلي النسق غير المنطقي وهو ما يحيلنا إلي الاعتقاد الديني أيضا ، والغريب أن كل الأديان تقريبا تحيلنا إلي معني واحد تقريبا، الخلق الأول والبعث والخلود.

لذلك أعتقد أن الحياة لا تسير علي نسق منطقي واحد، ولا حتى علي النسق المنطقي فقط ، بل تسير علي رجلين اثنتين إحداهما نسق منطقي والأخر غير منطقي.

مَنطَقة اللامنطقي

في إطار "مَنطَقة" اللامنطقي يؤكد المتصوفة أن كثيرا من الناس ارتقوا لدرجات قصوى من الإيمان بالخالق العظيم وذابوا في الوجد للقائه، فتحقق لديهم الصفاء الوجداني والذهني في صورة حدس صوفي شديد الصدق، يحميهم من الذلل، ويقرءون به المستقبل، ويستدلون بفعاليته بمدي قربهم من الخالق.

وللحقيقة أن هذا الحدس الصوفي موجود بذات المعنى في كثير من العقائد والأديان وله نفس الآثار ما يدل في قراءة أخري علي وحدة المعبود وإن كانت تختلف صور عبادته.

لذلك كانت القدرات الخاصة التي منحت أيضا لبعض الأفراد حتى من غير المسلمين، بل ومن غير المؤمنين أو المتصلين صوفيا ، مثار حيرة بالغة لما لها نفع شديد ليس للأفراد فحسب بل حتى للدول.

ويحكى أن أكثر ما كان يؤرق المخابرات الغربية والأمريكية أثناء فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق ، هو نفوذ هؤلاء الأفراد الخطرين الذين يعتبرون أجهزة تنصت واستقبال واتصال بالغة التطور تقوم بمهام يستحيل كشفها أو حتى رصدها.

الغريب ان المخترع والفيزيائي والمهندس الكهربائي والميكانيكي الصربي الأمريكي "نيكولا تسلا" الذي يعد أحد أكثر البشر عبقرية ونبوغا علميا قال : "من يعرف عظمة الأرقام ٣ و ٦ و ٩ ،فقد وجد المفتاح للكون" ،وكان مهووس بالرقم ٣ لدرجة أنه كان يدونه حوله ويرسم به المثلثات.

حكايات متناثرة

ولقد ارتبطت الأماكن والمنازل في وجدان كثير من الناس بعوامل الرزق أو الشح فكانوا ينثرون الحبوب كالقمح والأرز والشعير في أساسات البنايات الجديدة جلبا للنماء والبركة.

وكثير من الناس كانوا يتشائمون ويتفائلون من أرقام بعينها ، فأرقام3و5 و7 و9 مثلا مثيرة للتفاؤل لديهم ، والغريب أنها ذاتها أرقاما محبذة أيضا في طقوس كثير من العبادات، فالصلاة عند الإسلام خمس والرقيات الشرعية ثلاثة أو خمسة أو سبعة، والسموات سبع، والأرض سبع طبقات ،وهكذا.

ويرتبط الرقم ٣ في معظم الثقافات بالتقديس ،والحياة والتغير والتطهير والولادة وحتى الحياة الاخرى ، وكثير من الثقافات القديمة، لديها ٣ رموز وآلهة مزعومة من المصرية القديمة مرورا بالهندوسية وانتهاء بمبدأ التثليت في بعض الديانات وفي بعض مذاهب المسيحية يعتبرون أن الله تعالي ثالث ثلاثة.

كما ان القرآن حافل بذكر رقم ثلاثة "أزواجا ثلاثة ، وعززنا بثالث ، ظلمات ثلث ،ذي ثلاث شعب ، وغيرها" وكذلك عدة الأرملة في الاسلام "٤ أشهر أي ثلث السنة، و١٠ ايام أي ثلث الشهرأيضا" فضلا عن أن الطلاق ثلاثة ، وتسبيحات الثلاة ثلاثة ، والاذكار والرقى اغلبها ثلاثة، وهناك معجزات كبيرة في علم العدد.

وفي الهندوسية الرقم ٣ مقدس ،فالآلهة ٣، وشيفا ثالث الآله له ٣ أوجه و أحوال و سلاحه ثلاثي والحياة ثلاث مراحل و ثلاث رحلات والوعي ٣ مراحل.

والشمعدان الذي يمثل أعظم رمز ديني لليهود هو سبع شمعات، وحتى الماسونية أو البنائيين الأحرار وهي منظمة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الميتافيزيقيا وتفسير الكون والحياة والإيمان بالخالق ، لها ثلاثة درجات " العمي الصغار، الماسونية الملوكية ، الماسونية الكونية".

بينما أرقام 13 و19مثلا مجلبة للشؤم وينبذها كثير من الناس لاسيما في الغرب، لدرجة أن الكثير من الفنادق العالمية ألغت رقم 13 في غرفها واحتالت عليه برقم 12 مكرر.

السبب غير مفهوم ولكن يتردد انه الساحرات كن في روما عددهن 12 ساحرة ويجتمعن مع الشيطان صاحب الرقم 13 وأن حوّاء أعطت آدم التفاحة ليأكلها في يوم 13 من الشهر وأن قابيل قتل هابيل في مثل هذا اليوم.

وترتبط البركة أيضا بالزوجة وقد يكون طلب إبراهيم من ابنه إسماعيل عليهما السلام تغيير عتبة بيته لسبب من هذا القبيل.

ويتردد أن مسألة النحس والبركة تبرز قوة أثارها طبقا لمدي إيمان صاحبها باللامنطقيات ومن يخشي العفريت "يطلع له" كما يقول المثل المصري.

اقرأ المقال كاملا على موقع رقيم