لحد بعيد .. تذكرنى الحملة الدعائية السلبية التى يتعرض
لها الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بتلك الحملة الدعائية التى تعرض لها الرئيس
العراقي الشهيد صدام حسين ابان حربى "ضم الكويت" عام 1990 وغزو العراق
عام 2003 , وذلك من حيث التكنيكات الدعائية وكثافتها ومنطلقاتها واهدافها ووسائلها
ومبرراتها.
ولعله ليس صدفة ان يكون عدد كبير ممن روجوا لتلك الحملة
الدعائية السوداء انذاك طرفا فى الحملة الدعائية الثانية الأن , فها هو عمرو موسي
وزير خارجية مصر الذى هندس عملية خنق العراق اثناء الحرب الاولى واضفى شرعية على
الاحتلال الامريكى لهذا البلد فى الحرب الثانية من خلال موقعه كامين عام الجامعة
العربية , ها هو موجود فى الطرف المخطط للحملة ضد الرئيس.
وها هو الدكتور محمد البرادعى الذى التزم الصمت المميت تجاه
قول كلمة حق واضحة انتظرها منه مليار مسلم فى العالم وتوقفت عليها حياة اكثر من
مليوني طفل وشيخ وسيدة وشاب عراقي لقوا حتفهم بأفتك الأسلحة وأكثرها اجراما , ها
هو احد اركان الحلف المناوئ للدكتور محمد مرسي ويدير للأله الدعائية ضده.
وها هو حزب الوفد يمارس ذات الدور الذى مارسه عام 1990
بايعاز من حكام السعودية والكويت , حيث صار معقلا لكل القوي المناوئة ومركزا
لتجمعهم , كما انه فى كلا الحالتين صار ايضا محطا للسفير الامريكى ووزير خارجيته.
وها هم رجال الاعلام - بقي من بقي ورحل من رحل وتاب من
تاب - قبضوا انذاك الملايين واستلموا السيارات الفارهة من سفارات امارات الخليج
وعرابيها وراحوا يبدعون فى اطلاق الشائعات والاكاذيب ضد العراق ورئيسها , وخنقوا
كل كلمة حقا او حتى تتحلى بلمسة منطق اوعقل او دين او عطف او شفقة يمكن ان تقال
هنا او هناك , وهم الأن لا زالوا يقبضون , لانهم لا يعرفون سوي القبض واستلام الشيكات.
والملفت ان منتجات ماكينة الدعاية التى يديرونها تتميز
بكثافة الانتاج لدرجة تجعل المتلقى بل والضحية نفسه يقف عاجزا عن تفنيدها وبيان
مواضع عدم منطقيتها , لكن الغريب ان المتلقي في قطاع ليس بقليل من الشعب يبتلع
الدعاية السوداء حتى اخرها دون ادنى فحص او تمحيص , مع ان الكثير من تلك المنتجات
الدعائية سيئة الصنعة لا تتوافرل فيها ادنى شروط توافر المنطقية في الحبكة وهو
الامر الذى تسبب فيه تعجل المدبرون فى الحصول على المنتج من اجل تشتيت انتباه
دفاعات الضحية , واستفادة من التكنيك الاعلامى الذى يؤكد ان شيئا سلبيا سيعلق فى
اذهان الجمهور تجاه الضحية جراء اطلاق سيل من الاتهامات الكاذبة ضده حتى لو ثبت
كذبها جميعا .
وتعرض الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية لحملة متواصلة
من الدعاية السوداء غير المبررة منذ ان نطق قضاة لجنة الانتخابات بفوزه بالمنصب ,
بدأت الحملة من خلال اطلاق ارتال من الشائعات غير المنطقية بان الانتخابات زورت "ودبروا"
فى ذلك عشرات الاسانيد الواهية , ثم قالوا انه مريض بالصرع "ودبروا"
عشرات الاسانيد الواهية وتحدثوا عن "الاستبن" وتدخل الجماعة فى شئون
الرئاسة, والنفوذ القطري تارة والسعودى تارة والامريكى تارة والاسرائيلى تارة ,الى
الاخونة وجماعات الامر بالمعروف وفرض النقاب وبيع قناة السويس , وغيرها ما لا يمكن
لاحدنا ان يحصره .
ولكننا هنا سنتعرض
فقط لما حدث بعد الذكرى الثانية للثورة , فدعاة الديمقراطية عبر الشاشات
رأيناهم ينقلبون عليها بعدما صنعوا
الاكاذيب وصدقوها , فقالوا ان الرئيس فقد شرعيته ويجب الاطاحة به , ولا نعرف لماذا
؟ هل لأن من انتخبوه ماتوا مثلا ؟ ام انهم تابوا ؟ وقالوا ان الشعب يطالب باسقاطه
, بينما من نراهم على الشاشات لا يتعدون عشرة او عشرين الفا , نعرف من اين جئ
بمعظمهم ؟ وكم دفع لهم؟ ومن دفع ؟ وعلى اى حال هم لا يمثلون الشعب مطلقا , ثم
نراهم يدافعون عن ميليشيات محمد ابو حامد وحركة اسفين يا ريس بعدما غيرت اسمها الى
"بلاك بلوك" و"ارتدت الاقنعة" , رغم انهم ابتدعو اكذوبة ميليشيات الاخوان
وراحوا يبحثون عما يمكن اعتباره تدليلا على وجودها .
ثم ان دعاة دولة القانون راحوا يعتبرون ان من يهاجمون
السجون فى محاولة لافلات عشرات المجرمين المتهمين بقتل اكثر من 70 شخصا فى مباراة
لكرة القدم والمحكوم بالاعدام على بعضهم , ثوارا , ويدافعون عنهم , مع ان ذلك
ينافي تحقيق العدالة ويهدم دولة القانون , فاقتحام السجون فى كل مكان بالعالم مجرم
والقتل عقوبة من يقدمون عليه مهما كان عددهم , وتعالوا بنا نتخيل ان هؤلاء
المجرمين نجحوا فى اقتحام السجون وافلتوا المحكوم عليهم , تري كيف كان رد الفعل ؟
ألم يقيموا الدنيا ولايقعدوها ضد
الرئيس!!!
وحينما استمرت الاشتباكات فى مدن القناة وعاب بعضهم على
الرئيس تأخره فى اصدار قانون الطوارئ ومفرض حظر التجول حقنا لدماء الناس , رأيناهم
يغيرون مواقفهم ويدينون قرارات الرئيس ويحرضون عليها بل ويطالبون بمحاكمة الرئيس
بحجة قتل "الثوار" الذين ذهبوا لاقتحام السجون فى مدن القناة الثلاث.
ورغم انه لم يمر يوم واحد على الوثيقة التى شهدت توقيعها
مشيخة الازهر حول رفض و ادانة العنف واستخدام القوة, عقب الاضطرابات التى نتج عنها
التحرش بل واغتصاب 32 فتاة فى ميدان التحرير اثناء الاحداث - بحسب منظمات نسوية
وصحف اوربية - وكذلك اقتحام وحرق عدد من المدارس وسرقة المحال والفنادق اهمها فندق
سميراميس وقطع خطوط المترو والسكك الحديدية والمياة والكهرباء واختطاف ضباط شرطة
كبار وترويع الامنين بالسنج والمطاوي والطبنجات , رغم انه لم يمر يوم واحد من
توقيع هذه الوثيقة الا ان "جبهة الانقاذ" دعت الى تظاهرات ومسيرات الى
قصر الاتحادية وهناك قاموا باشعال النيران فى بوابات القصر والقوا قنابل المولوتوف
على من هم بداخله من قوات الحرس الجمهوري التزمت اقصي درجات ضبط النفس وما ان كشرت
الشرطة عن انيابها وكاد صبرها ينفد حتى راح بعض عناصر الجبهة بنفوون صحة البيان
الذى يفيد بانسحاب الجبهة من التظاهرات حول القصر.
وكانت اخر حوائط مبكى اعلام مبارك تلك الخاصة بشخص قيل
ان الشرطة جردته من ملابسه تماما رغم انه نفي صحة ذلك وقال ان من فعلوا ذلك هم
المتظاهرين لاعتقادهم بانه كان يعمل مرشدا للشرطة , واكدت صحة اقواله شهادتان
احداهما لاحد القضاة والاخري لاثنين من الاعلاميين احداهما براديو مصر والثانى فى
قناة الجزيرة , ويبدو ان قناة "الحياة" لصاحبها السيد البدوي ارادت ان
تساير شقيقاتها on tv و cbc وراحت تصنع الخبر بدلا من ان تنقله فقط.
لقد اظهرت الاحداث التى مرت بها مصر طوال الفترة الماضية
انه يننا وبين الديمقراطية سنوات طوال , وان تحرر نخبتنا "المعينة"
علينا , من امراضها هو محض هراء , وذلك ان من عينها اراد تعيين امراضها وليس
تعيينها.