الخميس، 27 ديسمبر 2012

ثورة ضائعة بقلم سيد أمين


نشر بتاريخ 25 شباط (فبراير) 2012

سيد أمين

حينما تحدث ثورة فى بلد ما ويتم خلع الديكتاتور الذى خرب الحياة والأخلاق والاقتصاد يصبح تفضلا كبيرا من الثوار أن يحاكموه بطريقة ديمقراطية تضمن له حق الدفاع والتعبير عن رأيه , ولكن حينما نتمادى فى إعطائه هذه الحرية ونفرط فى توفيرها له لدرجة تصل لحد التواطؤ معه ومع دفاعه على حساب شعب من الضحايا, بالقطع نجزم ان هذه الثورة فشلت , خاصة أننا نعامله ورجاله بـ" ليونة" لم نعامل بها أحدا من معارضيه فضلا عن كونه هو ورجاله لم يعاملوهم بها من قبل.

ليت ذلك فحسب بل يتردد ان الهدف وراء تأجيل النطق بالحكم ضده الى 2 يونيو القادم هو محاولة لكسب الوقت حتى يبلغ سن 85 عاما وبالتالى العفو عنه تطبيقا لقانون – وضعه هو – يعفى من بلغ هذا السن من العقوبة .

كل ذلك ولن نتحدث عن هيافة الاتهام , فالرجل الذى فعل فى بلاده ما لم يفعله ألد أعدائها فيها ومفاسده لا تعد ولا تحصى , تركنا كل ذلك ورحنا نحاكمه فى شراء فيلتين بأقل من ثمنهما , وكأننا بذلك نبرئه لا ندينه .

وحينما يقوم رئيس وزراء مصر إبان الثورة بتقنين قرابة 83 ألف فدان فى الطرق الصحراوية لمغتصبيها من رجال الإعمال فى العصر السابق , هنا لا بد ان نقول ان هناك ثورة لم تحدث.

وحينما يقوم وزير داخلية حكومة الثورة بصرف رواتب شهرية لقتلة الثوار من ضباط الشرطة قطعا هذا سيؤكد الزعم السابق , خاصة ان الصرف لم يكن تحت مسمى إعانة إنسانية لآسرهم وإنما جاء تحت مسمى "تقديرا لرسالتهم النبيلة " ولا نعرف اى نبل ذلك الذي يتحدث عنه , والأدهى والأمر ان عددا كبيرا من قتلة الثوار من ضباط الشرطة يحاكمون بينما لا زالوا طلقاء ويمارسون أعمالهم.

وإذا قلنا ان ذلك غبنا للشهداء وأسرهم واستهانة بدمائهم قالوا ان ضباط الشرطة كانوا يمارسون خدمتهم فى حماية أقسام الشرطة من البلطجية مع ان سيل الشهادات الذى لا ينقطع يؤكد ان عددا كبيرا من الشهداء لم يكونوا بجوار أقسام الشرطة أصلا كما حدث فى قسم شرطة بولاق حيث تم قتل الثوار أمام جامعة القاهرة وفى قسم المطرية الشهداء استشهدوا فى بيوتهم .. نعم فى بيوتهم .. فقد هرعت سيدة إلى شرفة المنزل لتستطلع الموقف حينما سمعت طلقات نار فى الشارع ففوجئت بان الطلقة التي سمعت صوتها كانت فى صدر ابنها .. فصرخت طالبة الغوث فعاجلتها هى الأخرى طلقة أخرى فى الرأس وسقطت قتيلة بجوار جثة ابنها.

قطعا لم تحدث فى مصر ثورة ,بدليل ان نحو 90 ضابطا من قيادات جهاز امن الدولة الذي خطط ودبر ونفذ وأوغل فى دم الشعب طيلة عقود مضت تم ترقيتهم بديلا عن الزج بهم فى السجون.

وحينما يصل سعر اسطوانة الغاز الى خمسين جنيها بل سبعين جنيها , فى بلد يعوم على بحيرة من الغاز الطبيعي يصدر جزءا لا بأس به منها الى إسرائيل العدو التاريخى والوحيد لنا بنصف سعره قطعا لم تحدث هناك ثورة.

حينما نتردد فى ان نستغني عن المعونة الأمريكية التى تنتقص من عزتنا , واستقلالنا الوطني ونهرول خلف صندوق النقد لنكبل أنفسنا بمزيد من الديون بينما نغض الطرف عن مئات المليارات التى سرقها مبارك وزبانيته ولا نتخذ إجراءا ثوريا وقويا يخيرهم بين حياتهم وبين أموال الشعب , قطعا لم تحدث بعد ثورة.

وأى ثورة تلك التي تتيح لزوجة الرجل الذي قامت الثورة بخلعه مخاطبة ملوك ورؤساء العالم عبر قيامها بإرسال فاكسات إلى اوباما تطالبه فيها بالحفاظ على حياة زوجها وإلا فإنها ستفضح عملاء أمريكا فى مصر ممن تربوا فى كنفه .. ثم تترك بعد ذلك حرة طليقة , اذن لا توجد هناك ثورة.

وكيف نتحدث عن ثورة قامت من اجل العدالة الاجتماعية بينما هذا البرنامج غائب عن الساحة تماما ,لدرجة لا تجعلنا قادرين على وضع حدين ادني واعلي للأجور رغم ان الحد الأعلى للأجور لن يكلف الدولة مليما واحدا بل سيوفر لها عوائد هائلة, فضلا عن أننا نشاهد الثري يزداد ثراءا والفقير يزداد فقرا ,والباشاوات لا زالوا باشاوات والخدم لا زالوا خدما.

الفقراء فى بلدى دائما متهمون , إذا احتجوا ضد القهر الذى يتعرضون له سنطلق عليهم "دون اكتراث " بلطجية , مع أنهم يقومون برد الفعل وليس هم الفعل ذاته , وإذا استجابوا للقهر ورضخوا له وارتضوا ان يعملوا كإجراء لإثارة الشغب مقابل جنيهات معدودات وعرضوا سلامتهم للخطر , سنطالب بإعدامهم أيضا كبلطجية , مع أنهم هم أيضا ضحايا للجهل والجوع الذي عانوه فحولهم إلى كائنات بيولوجية لا قلب لها.

ومع ان من أسباب تفجر الثورة ,قمع الأخر وتكميم الأفواه الذي مارسه النظام السابق , كان ينبغي للثورة وقد نجحت – بحسب ما يقولون - ان تضمن حرية التعبير السلمي , وحق الاختلاف فى الرأي دون تخوين أو تكفير أو ازدراء أو إقصاء , وان تقبل الرأي مهما كان نزقا او شاردا ,لأن معظم انجازات البشرية كانت أحلاما مخملية تراود أصحابها, رغم كل ذلك إلا ان سياسة الإقصاء زادت وتيرتها واتسعت رقعتها وأصبح كل من يخالفنا الرأي إما عميلا للخارج أو رجعيا أو متخلفا حضاريا , مع ان اللعب على ديدن الفعل ورد الفعل لا يضمن أبدا استقرار لا لحاكم أو محكوم ,بل يزيد من فرص الخداع والتخبئة ولن يكون هناك ضحية بين صراع الأبناء إلا الوطن,وهو الأمر الذي يعيدنا للغرق فى دوامة لا قرار لها وينسخ نظام مبارك ويعيد إنتاجه ,وعلى جميع الأطراف ان تعلم ان الاختلاف فى الأولويات والحاجيات هو احد إفرازات المخ ومن سمات البشر على مر الخليقة.

فى الأسبوع الماضى اطلعت على قرابة أربع شكاوى من أمهات لنشطاء فى الثورة من مناطق مختلفة فى القاهرة يتهمن فيها الشرطة بتلفيق قضايا مخدرات لأبنائهن .. الأمر الذى يطرح تساؤلا مهما للغاية حول الرسالة التى يريدون توصيلها لنا وهى أن ثورة يناير ثورة "حشاشين".

قد يكون الحديث عن أن المجلس العسكرى صادقا فى دعم الثورة صحيحا , ولكن يجب فى ذات الإطار أن نعطى لمن يتهمونه بالتأمر عليها مبررات لهذا الاتهام , خاصة مع تلك الإخفاقات المفزعة التى صاحبت سياساته الأمر الذى فهمه البعض أنه مخطط ممنهج للخداع والتخبئة .

رسالة إلى المشير

سيادة المشير , أمريكا عدو لنا , الجميع يتفق على هذا , هي لا تحبنا ونحن لا نحبها أيضا ولا نحترمها , أوغلت أنصالها فى جسد أمتنا الجريح , استعذبت سرقة ثرواتنا , وتعذيب شعوبنا , والتهاون بأرواح أطفالنا وشرف نسائنا , طعامها دوما مغموس بدم الضحايا , وأموالها مسروقة من حافظتنا , ندعوك بل نتوسل إليك ان ترفض معونتهم , ان تلقى بها فى وجوههم , بل تحت حذائك , قل لهم أن الحرة تموت ولا تموت ولا تأكل بثديها , وقتها ستذوب خلافاتنا وتلتئم جراحنا ,ويظهر معدننا الأصيل ومعدنك , وقتها ستجدنا جميعا توحدنا خلفك , فنحن أمة عريقة لا نأخذ دية صمتنا عن إهانتنا , ونحن امة قال فيها القائل " نشرب ان وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا " , وأنت يا سيادة المشير وزير دفاعنا , والادرى بشرف الجندية , لاسيما فى مصر , خير أجناد الأرض , قل لهم نحن لا نريد معوناتكم , لا نريد ان نرتبط بكم , لا نريد ان نكون تابعين لكم, لأننا دائما السابقون , قل لهم لسنا هنودا حمرا جددا , او دمى تحركونها بخيوطكم , لا تبالى بكل ما سيقولونه و يهدوننا به , تذكر ان الطريق لتحرير القدس يمر عبر القاهرة , وتذكر نابليون بونابرت وهو يوصى رجاله بأن من يسيطر على القاهرة يسيطر على الشرق , افعلها يا سيادة المشير , ارفض معونتهم , وانتقل بمصر الى دول الممانعة , الشعب ومجلسه سيقفون معك , ستجعل من نفسك بطلا قوميا ضن الزمان بمثله. افعلها فنحن لا نرغب فى أمريكا ولا عملائها ولا كل من سار على خطاها.

سيادة المشير سيطلبون منك إرسال قوات الى سوريا بحجة حماية المدنيين السوريين من بطش "الأسد " , نرجوك ونتوسل إليك أن تقول لهم أن جيش مصر لا يمكن أن يحارب جيشه الأول فى سوريا , قل لهم جربنا خداعكم فى عام 1990 ضد العراق ولن نخدع مرة ثانية , قل لهم أننا مع اختيارات الشعب السورى مهما كانت ولكننا أبدا لن نوجه سلاحنا إلى جيشه ورصاصات جيشنا لم تصنع لقتل السوريين, قل لهم أننا نحمل الأمانة ومصر ابدا لن تخون.

Albaas10@gmail.com

رسالة الشعب إلى نوابه بقلم سيد أمين


نشر بتاريخ 29 كانون الثاني (يناير) 2012


سيد أمين
هذه رسالة الشعب إلى نواب الشعب، رسالة الشهداء وأمهات الشهداء، رسالة عيون فقئت، وأرجل بترت، رسالة استغرقت كتابتها واحد وثلاثين عامًا لكى يوجهها الشعب إلى نوابه الحقيقيين الذين اختارهم فى أول انتخابات حقيقية فى تاريخ مصر.. هى رسالة أم شهيد قضى نحبه فى السجون أو اقتطف القناصة زهرة حياتها، رسالة أب مكلوم قصم سوط الظلم ظهره، وردم الاستبداد ينبوع يقينه بإنسانيته، رسالة أبناء قتلت أو سحلت الماسونية أباهم فى هذا الركن النائى فى صعيد مصر أو دلتاها:
احملوا الأمانة فهى ثقيلة وليس لها إلا الأوفياء، كونوا على قدر المسئولية بألا تساوموا، فقد خان من ساوم على حق، ولا تهادنوا فقد ظلم من هادن ظالمًا، وركن فى وقت المعركة إلى الدعة والراحة، لا تلبسوا رداء الدبلوماسية فقد أفسدت أخلاق من قبلكم، وأوردتهم مهالك التاريخ لا سيما لو كانت البضاعة دمًا.
اعلموا أن شرعيتكم ما كانت لولا دماء البواسل، وأنها مهما سمت فهى أقل من شرعية ساحة الميدان الذى ألبسكم أرديتكم وأقعدكم مقاعدكم، وهو القادر الوحيد على نزعكم منها أو تثبيتكم عليها.
لا تتفرقوا، فالذئب لا يفترس إلا شاهًا شاردة، ولا تبتعدوا عن شعبكم فتنفصلوا عنه، وتذكروا أن من طار فعلا تبدد فى السماء، ثم سقط على الأرض.
لا تغرنكم المقاعد، فما دامت لمن قبلكم، ولا دامت لكم أو لمن بعدكم، وضعوا نصب أعينكم سير الأولين الذين لم يبغوا عرض الدنيا.
اختاروا بين أن يخلدكم التاريخ أو يلعنكم، بين أن يحفر أسماءكم فى ذاكرته بحبر من ذهب إذا ما انحزتم إلى شعبكم وبين أن يسطركم فى قوائم العار إذا انحزتم إلى سلطانكم ومنافعكم وتذكروا أن ما نما من سحت فالنار أولى به.
مصر الآن فى مفترق طرق، إما جنة وإما نار، إما عدل وحرية وتقدم وإما استبداد وعمالة وتخلف، وهذه فرصتنا التاريخية لصناعة دولة المساواة، دولة تقف على قدم وساق مع دول العالم المتقدم، لا تابعة لهم، دولة العلم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، اختاروا لمصر مكانة تستحقها والتاريخ لا ينسى.
وتذكروا أيضًا أن آية الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، وإنكم إن أحتكمتم إلى من جاء بكم فقد احتكمتم إلى سلاح أمضى من دبدبة الدبابات وأزيز الطائرات وقرقعة البنادق، ومن رضى عنه شعبه نام قرير العين هادئ البال مرضيًا رب الشعب، كما نام الفاروق من قبلكم آمنًا.
لا تكونوا سوطًا تجلد به العدالة ولا صوتًا يزيف الحقائق، دماء الشهداء لا زالت تسيل والمجرمون ما زالوا طلقاء دون قصاص، وتأكدوا أن المجرمين ليس هم فقط من قتلوا، ولكنهم أيضًا هم من حرضوا ومن كتموا الشهادة ومن صمتوا ومن زيفوا الحقائق ومن فتتوا وحدة الناس الذين قال فيهم الرسول الكريم: «لا تجتمع أمتى على ضلالة»
وكذلك تذكروا قول الله تعالى: «من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا» وقوله أيضًا: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب».
يا نوابنا فى البرلمان، نحن لا نريد منكم سوى العدل ولا رجاء فيكم دون العدل، ولا مهلكة لكم سوى ضياع العدل، فقد قدمه الخالق على الإحسان، وجعله اسمًا من أسمائه وصفه من صفاته.
أيها النواب.. ما سالت دماء ولا خربت بيوت ولا ثكلت أمهات أبناءها من أجل مجد شخصى لكم ولكن الضريبة الغالية دفعت من أجل مصر، ومن لا يعمل من أجلها بتجرد وإخلاص هلك ونال سوء المآل.
تمسكوا بالشعب تفوزوا.. تمسكوا بالشعب تفوزوا..
albaas10@gmail.com

التيار القومي في مصر تحت الحصار بقلم سيد أمين



نشر بتاريخ 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011
سيد أمين

المتأمل للخارطة الفكرية في مصر الثورة سيكتشف بسهولة حجم الجور الذي يعانيه أصحاب خط الفكر القومي.

ورغم أن القاعدة الشعبية لمعتنقي الفكر القومي في مصر قاعدة عريضة تضم فيمن تضم هذه الطبقات التي عادت إليها بشكل مباشر مردودات الحقبة الناصرية .. كالفلاحين والعمال والصناع والطلاب وعدد لا بأس به من النخبة المثقفة، إلا أن أنصار القومية العربية تم تغييبهم عن عمد في وسائل الإعلام في زمن الثورة.

ولقد ساهم القوميون ـ أو قل الناصريون ـ المصريون بشكل فعال في إشعال أوار ثورة يناير المجيدة وتصدروا مع غيرهم من تيارات فكرية المشهد الثوري من أجل ازاحة نظام مبارك الاستبدادي وبذلوا علي قدم وساق مع غيرهم الدم من أجل الخلاص إلا أن خطابا إعلاميا منظمًا لافتًا للنظر راح يقصيهم تمامًا من المشهد السياسي.

قسم الخطاب الإعلامي المغرض تيارات الفكر في مصر إلي قسمين عريضين إما إسلاميًا وإما ليبراليًا .. وهو تقسيم خاطيء لكونه وضع جميع التفاح في سلة واحدة رغم التباين الشديد في الروئ.

بل ان هذا الخطاب راح يزعم بل ينكر بهذا التقسيم وججود القوميين أساسًا رغم أنهم يشكلون الطريق الثالث بين هذا وذاك ويشاطرون الاسلاميين قاسمًا كبيرًا من ثوابتهم ولكنهم يمزجون رؤاهم بنكهة خليط من التيار اليساري خاصة فيما يتعلق بفكرة العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات تارة ومع التيارات الليبرالية فيما يتعلق بالحريات المسئولة. ومن المثير للعجب أن التيارات اليسارية والاشتراكية بجانب القومية وضعت عن طريق الخطأ في سلة الليبرالية رغم التعارض الكبير معها.

لقد ضرب نظام مبارك حصارًا إعلاميًا صارمًا ضد انصار الفكر الإسلامي والفكر القومي علي حد سواء، وضيق عليهم المنابر الإعلامية وقد تبدلت تلك الصورة عقب ثورة يناير حيث خرج الاسلاميون من دائرة الحصار فيما بقي القوميون داخلها.

وكما اخترقت أجهزة أمن مبارك كافة القوي السياسية المصرية علي تنوعها اخترقت فيما بينها التيارين القومية والناصري من جانب والتيار الإسلامي من جانب آخر.

وفي هذا الصدد راح جهاز أمن مبارك يزج بعناصره بينهما بل ويخلق من بينهما زعامات ومرجعيات واحزابًا من فرط تواطئها وهشاشتها وعدم صعودها لسقف التوقعات والطموحات المرجوة منها انفض الناس عنها واعتبروها أكبر طعنة وجهت إلي هذين التيارين.

ويأمل القوميون في مصر وهم علي اعتاب مرحلة جديدة من الخلاص الوطني، ان تكون تلك المرحلة نموذجًا ديمقراطيًا بحق لا تغلق فيه صحيفة ولا يحجب فيه قلم ولا يقصي فيه صاحب رأي بسبب رأية خاصة أن الجاني حينئذ سيكون هو المجني عليه سابقًا، ولا يصح أخلاقيًا أن يجلد الضحية بذات السوط الذي جلده به الجلادون الغابرون.

وليتذكر الاسلاميون علي اختلاف مشاربهم أن التيار القومي المصري وقف مدافعًا بشدة ضد إقصائهم وراح يساند قضية مظلوميتهم.

ويجب أن يتذكر رفقاء نضالنا من الاسلاميين ان مهلكة التاريخ الحقيقية في لعبة تبادل الأدوار وعمليات الكر والفر وذلك لأن كل انتصار يعقبه انكسار وكل قوة يعقبها ضعف ولولا هذا وذاك لبقي المنتصر الأول منذ بدء الخليقة منتصرًا حتي الآن.

العدل يريد تطهير القضاء بقلم سيد أمين




نشر بتاريخ 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011

سيد أمين

ونحن نخطو أولي خطواتنا نحو الديمقراطية.. يجب علينا أن نتلمس الطريق الصحيح جيدًا حتي لا نضل في تشعبات الطرق.. ولما كان التحرر من الخوف هو أولي خطوات الطريق إلي الحرية.. يبقي الأجدي والأكثر إلحاحا أن نحطم كل التابوهات المفروضة علينا.. خاصة أنها مفروضة من غير مقدس.. فرضها بشر علي بشر، وأحيانًا دون رضا رب البشر الذي يجب أن ندين له بكل سمع وطاعة.

وإذا كان رسولنا الكريم ومعلمنا الأول يقول جازمًا بأن »قاضيًا في الجنة وقاضيين في النار« فإنه الأولي بنا ونحن بشر لم يوح إلينا كما أوحي إليه أن نسلم بحكمه ونرفع القداسة التي أضفيناها علي بشر مثلنا لم يوح إليهم فهم يخطئون ويصيبون، ولا علاقة لذلك بمذمة فيهم ولا مدح، فما يندرج علي البشر يندرج عليهم.

في الحقيقة، أكاد أجزم بأننا ونحن نعيش هذا الزخم الثوري الهائل سنخوض عما قريب سجالاً في شأن حصانة القضاء، قد يتطور ليمس شخوص بعض القضاة، أنفسهم، وهو إن حدث سيخسر فيه القضاة جزءًا كبيرًا من مهابتهم.

والغريب أن البعض يصر متعمدًا أن يخلط بين مهابة القضاء وأحكامه، وهو خلط لا محل له من الإعراب، فقد يكون الحكم ظالمًا، وهنا تصويبه لا يأتي في إطار انتقاص القضاء أو الحط من شأن القاضي الذي أصدره، فها هو معلمنا عمر بن الخطاب يطلب من رعاياه أن يقوموه لو أعوج عن الطريق السليم.

إن الخلط بين المهابة الواجب توافرها للقاضي وبين أحكامه هو خلط يقصد منه التبرير لكل ما يصدر عن القاضي وإضفاء العصمة عليه رغم أن القاصي والداني يعلم يقينًا أنه لا عصمة إلا لنبي، وأن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.

أتصور أن شعار »الشعب يريد تطهير القضاء« سيأخذ زخمًا عما قريب في الشارع وأري أن الأجدي أن يتحول هذا الشعار إلي »العدل يريد تطهير القضاء«. نعم فالعدل والعدالة لا يمكن أن تقبل بأن ينتمي إليها من يرفض التطهير ويكافح الفساد، ولا تقبل بأن تستخدم العدالة لذبح العدالة، بل إنني أتوقع بأن يهب قضاة مصر الشرفاء أنفسهم وهم كثر ليرفعوا هذا الشعار حفاظًا علي مهابتهم ومهابة العدالة وحتي ينضموا إلي طوابير القديسين وذلك لأن القاضي العادل أوتي جزءًا من القداسة الربانية متي حكم بأمر الله.

وأتذكر أنني قرأت ذات يوم خبرًا عن قيام أحد القضاة بإصدار حكم بحبس شاب لمدة ثلاث سنوات لعدم سداد قرض قيمته ٥ آلاف جنيه من أحد البنوك، وأتذكر أيضًا أن سيدة صرخت في اتصال هاتفي بمقدم برنامج تليفزيوني شهير بأن حكمًا بحبس زوجها أضاع مستقبل أطفالها وجعلهم يتسربون من التعليم بعدما عجزت عن دفع مصاريفهم، بل إنهم يتسولون في الشوارع لسد رمقهم وملء بطونهم، والمدهش أن المبلغ الذي حبس عليه الزوج لم يتجاوز سبعة آلاف جنيه كان قد أنشأ بها مشروعًا بقرض من صندوق التنمية الاجتماعي إلا أنه تعثر حتي صدر عليه حكم بالحبس ٤ سنوات أمضي نصفها وتطمح أن يتم العفو عنه في عيد الشرطة.

ولا أخفيكم سرًا أنني تألمت بشدة في بادئ الأمرلسماع وقراءة مثل هذين الخبرين لا سيما أنني أعلم أن المبلغ الذي سجن بسببه الشاب وقضي به علي مستقبله وحرم الأبناء من أبيهم وأذاقهم شظف العيش قد يصرفه طفل من أطفال السادة الحكام في هذا الوقت في يوم واحد دون إكتراث، إلا أنني أقنعت نفسي بأن العدل هو العدل وصرت أقرأ مثل هذه الأخبار دون أن يرجف لي قلب بعدما تجمد وتبلد.

تعالوا نقارنها بالأحكام التي تصدر الآن لمن قتلوا الناس وسرقوا الملايين.. سنكشف أن القضاء يساوي بين من سرق خمسة آلاف جنيه »تحت ضغط الفقر والعوز« ومن سرق خمسة ملايين أو حتي مليارات، الأمر الذي ذكرني بالمثل الإنجليزي الشهير لو اقترضت خمسة آلاف جنيه من البنك وضعك البنك تحت ضروسه ولو اقترضت منه خمسة ملايين وضعت البنك بين ضروسك.

في الواقع، نحن نحترم القضاء ونري ضرورة تهيئة الأجواء اللازمة لكي يحكم القاضي بالعدل، ولكن ليس معني ذلك أن القاضي لا ينطق عن الهوي، فهذا أمر لا يمكن أن يتماشي مع المنطق، خاصة في ظل ظروف كانت سائدة وأظنها مازالت تخضب فيها كل شيء بالفساد حتي القضاء.

وللمصارحة ـ ومع تبديل الكلمة بالكلمة واتخاذ أنمق الألفاظ ـ نتساءل: ألم يمر وقت كان التعيين فيه في النيابة العامة سواء أو مجلس الدولة أو النيابة الإدارية بالواسطة والمجاملة؟ وبتعبير أكثر ثورية وجرأة بل مصارحة ألم يرتكب العديدون من السادة القضاة في مستهل عملهم جريمة الرشوة للتعيين لهذه الوظيفة؟ هل ينكر أحدنا كل في قريته أو شارعه أن »س« أو »ص« دفع رشوة أو قدم مجاملة كبيرة أو وسَّط مسئولاً كبيرًا ليتم تعيينه أو تعيين ابنه ليكون في النيابة العامة؟ أليست هذه جريمة يعاقب عليها القانون؟ وهل يجوز لمن يرتكب مثل هذه الجريمة أن يظل في منصبه أو علي أقل تقدير نضفي عليه القداسة ونقول عنه وعن من عينه إن لا ينطق عن الهوي؟ في ذات يوم قادتني الظروف للذهاب لأداء عمل ما في مكتب الشهر العقاري بمدينة الشروق، تحدث إليَّ الموثق أن أغلب زبائنه من القضاة، يأتون لتوثيق عقود الفيلات والقصور التي اشتروها لهم ولأبنائهم وإخوانهم لدرجة جعلته يجزم بأنه لا يوجد فيلا في مدينة الشروق لم تمر بقاضٍ كمشتر أو بائع، وأن عددًا من القضاة يقومون بشراء أكثر من فيلا بأسماء زوجاتهم.

والأمر المثير للريبة أن تجد أسرة بالكامل يعمل افرادها بالقضاء .. وكأن العدالة خلقت من أجل أن تخصص لهم دون غيرهم .. أليس هذا احتكارا للسلطة ؟!

وداهية الدواهي.. أن تقوم الوزارات بانتداب مستشاري مجلس الدولة للعمل لديها.. الأمر الذي جعل السلطة القضائية تخضع لنفوذ سلطة أقل منها وهي السلطة التنفيذية حيث يتقاضي المستشارون أجورًا خيالية وكبيرة للغاية لو قورنت بأعمالهم، الأمر الذي يشكك في حقيقة دورهم.

نحن لا نسعي لنكأ الجراح القديمة ولكننا يجب أن نغير المفاهيم ونحطم التابوهات، كما أن هذا »الجيتو« المثير للجدل لا بد أن يقنن عبر وضع قواعد واضحة تقضي علي الواسطة والمحسوبية في شغل الوظائف لا سيما لو كانت بمثل تلك الرفعة، فلا يعقل أن نكافئ صاحب التقدير العلمي الأقل لنعينه في القضاء بينما صاحب التقدير الأعلي يبقي محاميًا، يجب أن ننظر لهما كفرعي عدالة وأن نميز بينهما بالعلم ولا شيء سواه اللهم إلا الأخلاق والتي تتضمن فيما تتضمن عدم السعي لأخذ توصية من هذا أو ذاك أو دفع رشوة ليحصل البعض علي حق ليس له.

وتاريخيًا، كان فساد القضاء في أوربا هو واحد من معالم عصور الظلمات فيها، كان الملك يصدر حكما وما علي القاضي إلا النطق به، فاكتوي الناس بالظلم وسادت مظاهر الغبن وفقد الناس الثقة في كل مقدس.

ولو يدري جاليليو أنه سيكون أخلد من القاضي الذي أصدر حكما بإعدامه بناء علي أوامر من الملك وكهنوت الكنيسة لطلب الموت وسعي إليه، فقد مات الملك ومات القاضي ومات كهنة الكنيسة وبقي جاليليو وعلمه خالدين.

فلول الثورة بقلم سيد أمين

نشر بتاريخ 15 آب (أغسطس) 2011
سيد أمين
أتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة حالة صاخبة من التخوين لنشطاء حقوق الإنسان ممن كان لهم دور كبير فى تفجير ثورة يناير المجيدة.
وأعتقد أن سيلا من المستندات وإغراقًا فى المعلومات والتفاصيل ستخرُّ علينا من كل حدب وصوب فى وسائل الإعلام المحسوبة على النظام الحاكم، وذلك بهدف تكوين قناعة لدى رجل الشارع البسيط بأن هؤلاء النشطاء الذين يصدعون الرءوس بالحريات هم خونة يعملون لصالح قوى ودول معادية لمصر.
وفى الحقيقة كنت أتوقع حدوث تلك الهجمة ضد الثوار والنشطاء منذ عدة أشهر مضت، وكنت أتلمس بدايات تلك الحملة فى وسائل الإعلام آنذاك وإن كانت قد بدأت على حياء بغية التمهيد لهذا الانقلاب علي الثورة وتهيئة الأذهان له عبر تشكيل قناعة بأن من يطالبون باستكمال الثورة هم يهدفون فى الأساس إلى إسقاط مصر.
وإذا كان المنطق يؤكد أن الحاكم العميل ألصقت به العمالة من خلال ممارساته الموالية للخارج واختياراته المطابقة لإرادة الأعداء ، وأن جميع رجاله هم على شاكلته فانه أمر لا شك فيه لأن رجال مبارك لاسيما فى مؤسسات الدولة الحيوية والمفصلية يسيرون على نفس منواله وإلا فما كان ليختارهم ليكونوا مسانديه طيلة ردح كبير من الزمن.
إن فهما على هذا النحو لما يحدث الآن فى مصر سيجعلنا نقلب الطاولة ونقول إن من يخون الوطن هم من خانوه على مدى سنوات طوال عجاف حكموا فيها البلاد ولا يزالون يحكمونها وليس النشطاء الذين كان لهم دور كبير فى تفجير الثورة والقضاء على رأس دولة الظلم.
وتعالوا نفهم سويا ماذا يحدث فى مصر أو عالمنا العربى – لأن الخطة كبيرة لا تفصل مصر وعالمها العربى - عبر ما أشرت اليه فى عدة مقالات سابقة حملت عناوين "ربيع الشرق الاوسط الكبير " و" فزاعات الثورة .. والدعم الرباني" و"ومبارك يؤيد مبارك ولا عزاء للثورة"و "مخطط تخريب الثورة وتسفيه الثوار" و"انها هى .. نظم بوش المارقة".
لقد خططت الولايات المتحدة الامريكية لإحداث تغييرات جوهرية فى نظم بعض الدول العربية فى خطة أسمتها " خطة الترميم والهدم" وهى خطة تقوم على ترميم النظم الرئاسية الموالية لها بهدف الحيلولة دون سقوطها كما فى مصر وتونس وذلك من خلال اطلاق ثورة شعبية تتم السيطرة عليها سياسيا ، وهدم النظم المعادية لها بهدف انشاء نظام جديد يدين لها بالولاء كما فى ليبيا وسوريا والسودان والعراق والجزائر واليمن عبر تصنيع ثورة بأيادٍ خارجية سرعان ما تأخذ زخما شعبيا جراء القمع المفرط لها من قبل السلطات.
وتتضمن الخطة فيما تتضمن أن تتولى حركة"الإخوان المسلمون" الحكومات فى كل الدول العربية فيما تنفرد أمريكا وحلفاؤها بالسيطرة على الجيوش العربية والمحافل القضائية على غرار ما تفعله فى تركيا على أن تقوم الاخيرة بتوجيه الحكومات "الاخوانية" والسيطرة عليها من الشطط والمروق واى محاولة للتحرر.
وقد يكون الهدف الابعد بالنسبة لامريكا وصمتها ازاء قيادة "الاخوان" للحكومات العربية أن تستخدمهم – دون قصد منهم – فى اثارة حالة من ململة شعبية لدى جميع الاقليات الدينية والعرقية فى العالم العربي مما ينتج عنه تكريس لحالات انفصالية تتزعمها القوى الغربية وتدعمها عسكريا لاحقا فضلا عن اعطاء صورة عالمية بأن تجربة الديمقراطية فى العالم العربي لم تجلب سوي المتطرفين، الامر الذى يبرر لها – اى لامريكا - مساندتها للنظم الديكتاتورية طيلة العقود الماضية.
وقد يكون هذا الرضا هو محاولة لتشكيل درع اسلامية سنية موازية للتغلغل الايرانى فى المنطقة العربية حال انتهاء لعبة تبادل المصالح بين واشنطن وطهران.
هذا هو المشهد العربى ، ولكن المشهد فى مصر اكثر دهاء ويأتى عن طريق سحب البساط تدريجيا من تحت اقدام الثورة والثوار، ومن ثم اعادة انتاج النظام الذى لم يسقط بعد ، فلقد خططت القوى الغربية بالتعاون مع بقايا نظامه الحاكمة فى مصر الان – بحسب اعتقادي - لانقاذ نفوذها المقبل على الانهيار فى حال سقوط مفاجئ وغير محسوب لنظام مبارك مما يعرضها لفقدان حليف استراتيجي فضلا عن خلق نظام قد يناصبها العداء او يقاسمها المصالح ويخالفها فى التوجهات على غرار ما حدث فى الثورة الايرانية ، لذلك عملت على هدمه واعادة بنائه قناعة بمبدأ بيدى لا بيد عمرو.
وكانت تتضمن الخطة ترك العنان لحدوث ثورة شعبية محدودة مستغلة حالة السخط الشعبى على مبارك وتغييره بعمر سليمان الا أن حالة الغضب الشعبى كانت اكبر من المتوقع فاسقطت سليمان ومن بعده احمد شفيق ولم يتسن اخمادها الا باحتيال المجلس العسكرى عليها ، حيث راح يهادنها ويدعى حمايته لها ، رغم انه يضمر لها العداء ويسعى لتفتيت القوى التى شاركت فيها ، تارة بالاستفتاء على التعديلات الدستورية ، وتارة بالدستور نفسه ، وتارة بالاحزاب ومحاولة ابراز نقاط الاختلاف بينها ، أو بالتخوين وطوابير الجواسيس "المفبركين" ، ومحاولات الاستقطاب ، والعصا والجزرة ، والتلميع والتجهيل ، والاغراق فى التفاصيل والوقائع ، والانفلات الامنى ، والترويع الاقتصادى …الخ.
وانا اتصور ان من خطط لما يحدث فى مصر ، يمتلك حسا دراميا عاليا ، وفعل كما يفعل المؤلف السينمائى البارع الذى راح يربط المشاهد المتنافرة ، ويوجد علاقة بين هذا المشهد الذى ظهر فى اول العرض وذاك الذى يأتى فى منتصفه أو آخره.
ورصد المخططون – ربما قبل اندلاع الثورة – عبر مراكز الاستطلاعات العملاقة التى تنفق فيها ملايين الدولارات القوي الثورية التى سترفض خطة خنق الثورة وستصر على استكمالها ، فراحوا يجهزون لها "عدة" التخوين لفض الناس عنها ، وتم تفصيل التهم وحياكة المستندات لهذا وذاك كلا فيما يناسبه ، فالسلفى يصلح ان يكون عميلا للسعودية والاخوانى يصلح أن يكون عميلا لقطر وتركيا ، والليبرالى عميلا لأمريكا واسرائيل واليساري مناهضا للدين الاسلامى ويتحرك بحقد طبقى ورعونة ، ثم تلوح بتلك الاتهامات فى وجه كل من يرفض النكوص عن الثورة ، فضلا عن الدس ببعض عملائها بينهم وتلميعهم اعلاميا ثم تقوم بكشفهم فى لحظة ما وهو ما يسمى اعلاميا بتكنيك "القطيع" ، وكذلك الزج ببعض عناصرها لتضييع الوقت كما فعل المحامى الذى قام برفع دعوي رد قاضى محاكمة مبارك والذى رفضت دعواه بعد تداول دام اربعة اشهر لسبب بسيط يحمل قدرا من المؤامرة ان هذا المحامى مشطوب من عضوية نقابة المحامين، كل هذا وقد يفاجأ الجميع فى نهاية العرض ان حاميها حراميها.
وتعالوا نتأمل خبرا نشرته الاهرام فى 23 يناير 2011 وقبيل اشتعال الثورة بيومين مفاده ان عمال قرية البضائع بمطار القاهرة فوجئوا اثناء تحميلهم لطرد مكون من 39 صندوقا بسقوط احدها وتدفقت منه سبائك الذهب ، هنا هرولت قيادات الشرطة وقاموا بحصر محتويات الصندوق واعادتها لمكانها فى طريقه الى السعودية ولم يذكر الخبر من صاحب هذا الطرد .. وتأكد بعد ذلك انه يخص مبارك.
والمتأمل لاسلوب الشرطة فى فض التظاهرات فى الفترة ما بين 25 يناير حتى تنحى مبارك سيلاحظ فيها امرين اثنين ، ان الشرطة قامت بتقطيع الشوارع وحاصرت المتظاهرين من كافة الجهات ولم تترك منفذا ليعودوا منه وهو الامر الذى يعد من ابجديات فض التظاهرات ، بل انها اطلقت الغازات بغزارة غير معهودة وكأنها تحث الناس للخروج من منازلهم للمشاركة فى الثورة.
ولو اضفنا الى ما سبق البطء الشديد فى محاكمة قادة وزارة الداخلية المتهمين بقتل الثوار ، وما تردد عن قيام جهات رسمية بالدولة بمساومة اهالى الضحايا لقبول الدية مقابل التصالح ، يؤكد أن من أمر الضباط بالقتل هو الان يحميهم.
حتى معاملة "العسكر" الرقيقة لمبارك والتقاء قيادات الدولة به فى مشفاه - منتجعه – هو دليل امريكى قاطع بانها لا تفرط فى رجالها ، والمقصود بالقطع ليس مبارك فحسب بل الرئيس القادم. Albaas10@gmail.com

القدرة والطالع.. رؤية تاريخية بقلم سيد أمين

نشر بتاريخ 8 حزيران (يونيو) 2010

سيد أمين
أجدني رغم ما يحيط بنا من أحزان قومية اعتدناها جراء مذابح ‘الحريات’ التي ترتكب ضدنا ليل صباح والتي لن يكون آخرها مذبحة قافلة الحرية علي يد الصهيونية الفاشية، أجدني أميل إلي عدم خوضها لأن الجميع قد تحدث فيها وانتحي بقلمي جانباً للحديث في أشياء بعيدة قد لا يبدو للوهلة الأولي الحديث فيها مستساغاً في تلك الأوقات..
وعلة هذا الميل يرجع إلي أن أقلام الوطن كثيرة وأقلام الإنسانية أكثر ورب كثرة أفقدت الكلمات وحيها فباعدت بين لفظة ‘الجرح’ وآلام ‘المجروح’ وبين مفردة ‘الموت’ وبين ‘رهبته’ وآلام اليتامي، هنا وجدت نفسي أنأي عن تكرار ما ردده غيري وهو واجب عليَّ وعليهم وأدلف للحديث عن ‘الطالع والقدرة’ ولعل..
مسألة ‘الطالع’ توحي أول ما توحي بأن من يؤمن بها أو حتي يرددها هو شخص غيبي ينكر قدرة العقل ويفضل إلقاء اللوم علي المجهول في كل فشل.
وفي الحقيقة، وبقراءة ولو سريعة في التاريخ قد يتأكد لنا أن لـ’الطالع’ دوراً كبيراً في رسم خريطة العالم.
ويرصد نيقولا ميكافيللي - في كتابه الأمير - قصصاً كثيرة لفشل أو نجاح كان لسوء أو حسن الطالع، الدور الأساسي فيها إلا أن ميكافيللي الذي عاني هو نفسه من حسن وسوء الطالع يؤكد أنه لا جدوي للطالع دون القدرة، كما أنه لا جدوي للقدرة والذكاء دون توافر حسن الطالع.
ويضرب ميكافيللي لنا الأمثال عن صانع الفخار الذي تحول بفعل حسن الطالع في ليلة وضحاها إلي أمير للبلاد، حينما هاجم الأعداء إمارته وقتلوا الأمير ورجاله جميعاً وبعد نهب ثرواتها عادوا أدراجهم، هنا وجد البسطاء أن صانع الفخار هو أكثر السكان شهرة فنصبوه أميراً خاصة لما يمتاز به من قوة وبسطة في الجسم وحكمة في التصرفات.
هنا اختلط حسن الطالع بالنسبة لصانع الفخار وليس شعبه، مع القدرة وهي التي جعلت هذا الرجل من أشهر أمراء إيطاليا القديمة ودام حكمه وحكم أسرته بضعة قرون.
وعلي النقيض يضرب ميكافيللي مثلاً بالأمير الحازم الذي أوتيت له كل إمكانات الدوام والبقاء إلا حسن الطالع فهزم في معركة كان يجب أن ينتصر فيها ولو بربع جيشه، رغم ما عرف عنه من دهاء.
ويقول ميكافيللي أن قدرة بدون حسن طالع تعني فشلاً وأن حسن طالع مع نصف قدرة يعني انتصاراً.
وتأكيداً لهذه الرؤية يؤكد أحمد ميشيل عفلق أنه لا يستطيع أن يصدق أن هذه الأجيال العربية المتعاقبة لم تنتج لنا سوي ابن سينا وابن النفيس والخوارزمي وغيرهم ويشير إلي أن الحياة فرن جبارة احترقت بداخلها ملايين العبقريات والإبداعات وحرمت عالمنا العربي من ثمارهم، وأنه متي هيأنا للمواطن العربي عيشة رغدة جنبنا انصراف جهده إلي تلبية حاجات بيولوجية تحول دونه والإبداع.
ويقصد عفلق أنه ليس بالتأكيد أفضل كتابنا وعلمائنا من هم يطفون علي السطح الآن وأنه لولا سوء الطالع لكان بيننا بدلاً من أحمد زويل ويحيي المشد أو فاروق الباز الآلاف أمثالهم فقط لو تهيأ لهم حسن الطالع من خلال إمكانية في التعليم وتوفير لقمة عيش سهلة وموضوعية في التعيين والتدرج الوظيفي ومناخ عام يساعد علي الإبداع.
وفي التاريخ العربي يلعب حسن الطالع دور الأسد علي مسرح الأحداث، فها هو قطز يفر من آسيا ويباع في سوق العبيد ويرسو به المطاف إلي مصر فيهئ له حسن الطالع كاملاً للقيادة ويصير هذا الفتي المطارد من قبل المغول أميراً للبلاد فيلتحم حسن الطالع مع القدرة ويحقق النصر التاريخي علي المغول في بلد كان يصحو فيه الشعب كل يوم تقريباً علي صليل سيوف الانقلاب والانقلابيين.
وها هو محمد علي الجندي الألباني حاكماً لمصر بعد ثورة شعبية عزيزة في التاريخ المصري، حيث هيأت الظروف السيئة الثورة للمصريين ضد الوالي العثماني خورشيد باشا الذي فر دون قتال ولم يعد رغم أنه كان قادراً علي طلب النجدة فقام المصريون العازفون عن لعبة كراسي الحكم بتقديم محمد علي والياً للبلاد وهم يقصدون جعله قرباناً لغضب الخليفة العثماني إلا أن محمد علي صنع أعظم امبراطورية عرفتها مصر ودام حكم أسرته نحو القرن ونصف القرن وسار مؤسس مصر الحديثة.
وحتي في تأسيس الجيش المصري الحديث قصة عجيبة فالكولونيل ‘سيف’ وهو جندي من جنود نابليون المنهزم عز عليه أن يصير فلاحاً وقاده الشوق إلي حياة الحربية وتنامي إلي مسامعه أن بلاد فارس تؤسس جيشاً حديثاً من المرتزقة فقصد الالتحاق بهذا الجيش ولكن توقفت السفينة التي تقله قبالة سواحل الاسكندرية لعدة أيام، فراح يعرض نفسه علي حاكم الاسكندرية الذي أرسله إلي محمد علي بالقاهرة والذي قام بدعوته لتأسيس الجيش المصري ويكون وزيراً له.
وفي ثورة يوليو المجيدة 1952 يؤكد الضباط الأحرار أنه لو كانوا قد تأخروا يوماً واحداً عن يوم 23 يوليو لكانوا قد أعدموا في المقاصل الملكية بعد افتضاح أمرهم.
وحتي بعد الثورة ما كان للرئيس السادات أن يتصور وهو يعمل ‘حامل أمتعة’ في محطة قطار نجع حمادي في حيلة للتخفي من البوليس السياسي الملكي أن يصير بعد نحو 20 عاماً حاكماً للبلاد.
وحتي الرئيس مبارك ما كان يتصور حينما كان ضابطاً في الكلية الحربية أن يحكم هذه البلاد لولا دوره في حرب أكتوبر.
نعم هناك حسن للطالع ولكن لابد أن يقترن بالقدرة.. فقدرة كبيرة وحسن للطالع تعني خلق زعيم كبير وهو ما حدث مع سايس الخيول خروشوف الذي تحول إلي رئيس للاتحاد السوفيتي أحد قطبي العالم وقواه الضاربة.
نحن لا ننفي القدرة ولكن قدرة بمفردها لا يمكن أن تنجح لولا حسن الطالع الذي هو بالتأكيد التوفيق الرباني، والخلاصة أن حسن الطالع والقدرة التي هيأت للكيان الصهيوني البغيض الولادة في عام 1948 آخذة في الاندثار وأن أياماً مقبلة سيئة الطالع تواجهه ولن تغني عنها قدرتها.

albaas10@gmail.com

الى ايناس الدغيدى ..الى متى هذا العبث؟ بقلم سيد أمين


نشر بتاريخ 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2009

سيد أمين

حقيقة عانيت كثيرا قبل كتابة هذا المقال, ولكنني وجدت أنه لا فرار من تلك المعاناة إلا عبر كتابتها وتفريغ جزء يسير من طاقة الغضب المعتملة بداخلى وبداخل ملايين المصريين والعرب جراء ما تقدمه شاشة التلفزيون المصرى من حلقات سقوط متواصلة, سواء عبر برامجها المستفزة والتافهة أو درامتها السطحية المزيفة والتى تحاول جاهدة التكريس لخلق واقع بغيض همجى ينافى الواقع المصرى الحقيقى المعروف عنه تدينه وتمسكه بثقافته العربية.

بصراحة حينما شاهدت بعض حلقات من برنامج "الجريئة" الذى تقدمه المخرجة "إيناس الدغيدى" صدفة, وجدتني اضرب كفا بكف غير مصدق أنه جاء اليوم الذي يقدم فيه التلفزيون المصري هذا العبث والقبح خاصة أن ذلك التلفزيون العريق يدفع له المصريون تكاليف ادارته وتشغيله من اموالهم وعبر الضرائب المفروضة عليهم ’ فى حين يقوم هو بدفع راتبا ضخما لإيناس الدغيدى بالعملة الأجنبية حتى تتمكن من أن تنفث سمومها فى المجتمع مبشرة بقدوم عصر جديد تسود فيه قيم الانحطاط والفجور وجهالة المتعلمين والدعارة وتمزيق عباءة الثقافة والدين والاخلاق تمزيقا ’رغم أن مشاهدي التلفزيون المصرى هم أناس أنهكهم الفقر والجوع والمرض والاستبداد وهم فى مسيس الحاجة الى من يرشدهم الى كيفية إشباع الأفواه الجائعة واجتثاث الألأم من الابدان وهم فى حاجة أيضا الى من يحررهم سياسيا واقتصاديا وعلميا وتعليميا ويصعد بهم من التخلف الى التقدم ’ وهم بحاجة كذلك الى من يمد يده لتحريرهم من الهيمنة الأجنبية والى من يدعم المقاومة العربية فى كل الأقطار مجتمعة.. والسؤال أين تقف ايناس الدغيدى من كل هذه المعضلات ؟ لماذا ترفض الحديث فيها مختصرة القضية كلها فى اسفل جسد المرأة لا اعلاه , لا سيما فى اعضائها التناسلية ؟

لكل ذلك حينما شرعت في كتابة تلك الخواطر رحت اكظم غيظي بقدر المستطاع حتى لا أقع تحت طائلة قانون لا يفرق بين ما يجب وما لا يجب ويساوى بين من يحب مصر أو يكرهها ,أخذت أبدل لفظ بلفظ وكلمة فيها قدر من الشجاعة بكلمة ناعمة لا حرارة فيها.

وبادئ ذي بدء ’ رحت اتسائل: من يا ترى الذى أعطاها الحق فى أن تطلق على نفسها لقب "الجريئة" خاصة أن الجرأة تعنى على ما أعتقد الإقدام على فعل صحيح لشيء يحتاجه الناس وهنا تصبح الجرأة ذات معنى وقيمة سامية ونبيلة ترادف قيمة الشجاعة ’أما ما تقوله وتذيعه وتعتقده إيناس الدغيدى فهو بعيد عن الجرأة وقريب إلى الشذوذ والبجاحة ’ وذلك لكونها تعتقد أن كمال الحرية للأسرة المصرية هو أن تمارس الزوجة والابن والأم الدعارة وأن يعمل الزوج والابن والاخ والاب كقوادين ييسرون ويسّيرون لهذه المهمة ’ مختزلة بذلك كل قضايا المجتمع فى أعضاء المرأة التناسلية !!! فهل بعد ذلك هناك إسفاف ؟ وهل يمكن ان يتقدم مجتمع تكون مفكرته ومنظرته إيناس الدغيدى قيد أنملة ؟ طبعا لا.

واتسائل ايضا:لماذا لا تحث إيناس الدغيدى المرأة المصرية او العربية عامة على ان تتعلم حتى نجد من بينهن عالمة الذرة والنووي والهندسة والفضاء والفيزياء والكيمياء – كما هو الحال عند نساء الغرب الذى تدينين له بالولاء- لا أن نجد بينهن عالمة الصالات والبارات والحانات والغرف الحمراء والمرأة التى تخون زوجها مع ابن الجيران كما تطالبين ؟ بئس تلك الحرية التى تطالبين بها.

ثمة أمر مهم يجب أن نتحدث فيه ’ أليست الحرية أن يفعل المرء ما يحلو له طالما انه لا يضر بمشاعر الآخرين ومعتقداتهم ؟ إذن ألا يعتبر هجومك على الحجاب والمحجبات قمع لحريتهن فى ارتداء ما يشئن ؟

نعم لك الحق فى أن تتبرجي وترتدي ما تشائين وأن تسيري كما يقول المثل "على حل شعرك" - طالما ظل الأمر يخصك بمفردك ولا تفرضينه على الناس عبر شاشات التلفزيون - ولكن ليس لك الحق فى انتقاد حجاب النساء الاخريات وعقابهن على سلوكهن " المعدول" القويم ’ ألا تصبحين انت بذلك الطرف الذى يمارس الديكتاتورية وانت السيدة التى تتفرغين تماما للهجوم المكثف على نحو 85 % من نساء المجتمع وهن اللائى يرتدين الحجاب.. وللعلم يمكنك أن تجرى احصاء بسيطا تكتشفى بعده أن معظم نساء المجتمع المصرى محجبات وذلك من خلال قيامك بحصر سريع للنساء اللائى تشاهديهن اثناء سيرك بسيارتك الفارهة فى اى شارع صغير من شوارع مصر.

نساء مصر قبل رجالها يضقن بك ذرعا يا سيدة ايناس .. وهن يشعرن بالخجل والاهانة من الأحاديث التى تدلين بها باسمهن وهن منا براء ؟ فالمرأة المصرية لا زالت هى الأم الطيبة التى تكافح من أجل تربية أبنائها والأخت التى تحلم بتكوين أسرة مبنية على أساس سليم وليست تلك المرأة التى تبحث عن وكر للدعارة.

وفى النهاية يا سيدتي كان يجب عليك وأنت فى سنك الستين كأم وكسيدة مرشحة لأن تكون جدة ان توفري طاقتك تلك وما تبقى من اعمارنا القصيرة للحث على الفضيلة ومكارم الأخلاق وصالح الإعمال تحسبا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا وزير ولا سفير ولا خفير فاسد يزين لك سوء عملك ’ ولن يقف بجوارك شخص يطمع فى دور من أفلامك الساقطة’ واعلمي ان زلزلة الساعة لأمر رهيب وأن عذرائيل لا يعرف الوساطة لأنه مكلف من رب العباد جميعا طيبهم وقبيحهم , واعلمى أننا نعيش فى زمن انتشر فيه موت الفجأة والسكتات القلبية والكوارث والأوبئة والأمراض بأنواعها حاصدة الناس حصدا وأننا نعيش فى زمن فيه ايضا انتشرت جهالة المتعلمين وعم فيه الظلم والقمع والفقر وأطلت فيه الامبريالية برأسها البشع علينا من جديد فأعملت فينا سوط عذاب من قنابل البى 52 شبه النووية واليورانيوم المنضب والمخصب قاتلة ملايين الاطفال والاجنة فى الأرحام بالاضافة الى الرجال والنساء مغتصبة الصبيان والرجال قبل النساء وبشكل جماعي ومتكرر – كما هو الحال فى سجون العراق الامريكى الآن- اذن أليس ذلك كان اولى باهتمامك بدلا من ان تهتمى بهتك عرض ما تبقى من نسائنا .

امام الواحد منا وقت قليل حتى يصلح ما افسده طول عمره ولكن رحمة الله بنا انه يقبل التوبة الصادقة حتى لو كان المرء على فراش الموت.

اقول لك ذلك وربما تتخيلين اننى امام فى مسجد او شيخ فى جامع – وهم فى نظرك بالطبع متطرفين- ولكننى انا لا هذا ولا ذاك ولكننى صحفى وشاعر اؤمن بأن الشرف والعدل والشهامة والشجاعة أهم مميزات وسمات الشخصية العربية عبر التاريخ ولا يجب ان نحيد عنهم مهما كان الثمن .

اقول لك ذلك حتى لا تكتشفين فى أراذل عمرك أنك أفنيتيه فى ما يضر الناس لا ما ينفعهم ..انك أفنيتيه فى العبث.

وقد كتبت هذا المقال لنيل رضا الله القدير.