الخميس، 27 ديسمبر 2012

التيار القومي في مصر تحت الحصار بقلم سيد أمين



نشر بتاريخ 21 كانون الأول (ديسمبر) 2011
سيد أمين

المتأمل للخارطة الفكرية في مصر الثورة سيكتشف بسهولة حجم الجور الذي يعانيه أصحاب خط الفكر القومي.

ورغم أن القاعدة الشعبية لمعتنقي الفكر القومي في مصر قاعدة عريضة تضم فيمن تضم هذه الطبقات التي عادت إليها بشكل مباشر مردودات الحقبة الناصرية .. كالفلاحين والعمال والصناع والطلاب وعدد لا بأس به من النخبة المثقفة، إلا أن أنصار القومية العربية تم تغييبهم عن عمد في وسائل الإعلام في زمن الثورة.

ولقد ساهم القوميون ـ أو قل الناصريون ـ المصريون بشكل فعال في إشعال أوار ثورة يناير المجيدة وتصدروا مع غيرهم من تيارات فكرية المشهد الثوري من أجل ازاحة نظام مبارك الاستبدادي وبذلوا علي قدم وساق مع غيرهم الدم من أجل الخلاص إلا أن خطابا إعلاميا منظمًا لافتًا للنظر راح يقصيهم تمامًا من المشهد السياسي.

قسم الخطاب الإعلامي المغرض تيارات الفكر في مصر إلي قسمين عريضين إما إسلاميًا وإما ليبراليًا .. وهو تقسيم خاطيء لكونه وضع جميع التفاح في سلة واحدة رغم التباين الشديد في الروئ.

بل ان هذا الخطاب راح يزعم بل ينكر بهذا التقسيم وججود القوميين أساسًا رغم أنهم يشكلون الطريق الثالث بين هذا وذاك ويشاطرون الاسلاميين قاسمًا كبيرًا من ثوابتهم ولكنهم يمزجون رؤاهم بنكهة خليط من التيار اليساري خاصة فيما يتعلق بفكرة العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات تارة ومع التيارات الليبرالية فيما يتعلق بالحريات المسئولة. ومن المثير للعجب أن التيارات اليسارية والاشتراكية بجانب القومية وضعت عن طريق الخطأ في سلة الليبرالية رغم التعارض الكبير معها.

لقد ضرب نظام مبارك حصارًا إعلاميًا صارمًا ضد انصار الفكر الإسلامي والفكر القومي علي حد سواء، وضيق عليهم المنابر الإعلامية وقد تبدلت تلك الصورة عقب ثورة يناير حيث خرج الاسلاميون من دائرة الحصار فيما بقي القوميون داخلها.

وكما اخترقت أجهزة أمن مبارك كافة القوي السياسية المصرية علي تنوعها اخترقت فيما بينها التيارين القومية والناصري من جانب والتيار الإسلامي من جانب آخر.

وفي هذا الصدد راح جهاز أمن مبارك يزج بعناصره بينهما بل ويخلق من بينهما زعامات ومرجعيات واحزابًا من فرط تواطئها وهشاشتها وعدم صعودها لسقف التوقعات والطموحات المرجوة منها انفض الناس عنها واعتبروها أكبر طعنة وجهت إلي هذين التيارين.

ويأمل القوميون في مصر وهم علي اعتاب مرحلة جديدة من الخلاص الوطني، ان تكون تلك المرحلة نموذجًا ديمقراطيًا بحق لا تغلق فيه صحيفة ولا يحجب فيه قلم ولا يقصي فيه صاحب رأي بسبب رأية خاصة أن الجاني حينئذ سيكون هو المجني عليه سابقًا، ولا يصح أخلاقيًا أن يجلد الضحية بذات السوط الذي جلده به الجلادون الغابرون.

وليتذكر الاسلاميون علي اختلاف مشاربهم أن التيار القومي المصري وقف مدافعًا بشدة ضد إقصائهم وراح يساند قضية مظلوميتهم.

ويجب أن يتذكر رفقاء نضالنا من الاسلاميين ان مهلكة التاريخ الحقيقية في لعبة تبادل الأدوار وعمليات الكر والفر وذلك لأن كل انتصار يعقبه انكسار وكل قوة يعقبها ضعف ولولا هذا وذاك لبقي المنتصر الأول منذ بدء الخليقة منتصرًا حتي الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق