الاثنين، 30 ديسمبر 2019

سيد أمين يكتب: قمة الاستقلال وتكسير المحاور

الإثنين، 30 ديسمبر 2019 01:13 م بتوقيت غرينتش0
سيد أمين
تعتبر القمة الإسلامية المصغرة التي دعا إليها رئيس الورزاء الماليزي مهاتير محمد وانعقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور في الأيام الماضية، بحضور زعماء أربعة دول وممثلين عن 18 دولة إسلامية، لطمة قوية في وجه سياسة المحاور السائدة في العالم الإسلامي، وهي السياسة التي تذكيها سياسات القوى الإمبريالية الغربية في عالمنا الإسلامي الذي يمثل 24.8 في المئة من سكان العالم، من أجل أن تبقيه رهنا للصراعات الداخلية والمذهبية والفومية والعرقية.
ورغم أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان كان من أكثر المتحمسين لعقد هذه القمة، بجوار تركيا وقطر وماليزيا وإيران وإندونيسيا، إلا أنه اعتذر عن الحضور بعدما هددته الرياض بطرد أربعة ملايين عامل باكستاني لديها وبسحب ودائع من البنك المركزي الباكستاني، كما أكد الرئيس التركي.
إلا أن هناك تفسيرا آخر يبرر هذا الغياب، وهو رغبتها في تهدئة التوتر مع جارتها النووية الهند التي ستعتقد على الفور أن هذا الإجراء معاد لها.
بعد ذلك تراجعت إندونيسيا عن إرسال نائب الرئيس لسبب غير مفهوم؛ يرجح أنه نتيجة للضغوط الخليجية، وهو ما قد يكون عبر عنه وزير الخارجية الماليزي سيف الدين عبد الله بأن بعض الدول الإسلامية تخوض حروبا سرية نيابة عن القوى العظمى.

سحق المحاور



ولعل سياسة المحاور التي خطتها الأنامل الغربية بهدف التقوّت عليها عبر إذكاء الصراع بينها كانت أكثر وضوحا في منطقتنا العربية، حينما وجدت بعض الدول العربية التي تدافع عن موروثها الثقافي والحضاري نفسها طرفا في هذه المحاور، تماما كالمحور السني الذي تشكل بشكل غير مقصود تحت وقع المصالح القُطرية والثقافية لأعضائه، وهو الذي تنجرد فيه تركيا وقطر وحكومة الوفاق الليبية وحركة حماس، وهو أيضا المحور المدافع عن الهوية الإسلامية السنية للبلاد، وكذلك المحور الشيعي الذي تندرج فيه إيران والعراق وسوريا وحزب الله والحوثيون، وهو المحور المدافع عن الهوية الثقافية الإسلامية الشيعية، ثم المحور الشرق أوسطي وهو المحور الداعم لصفقة القرن والشرق الأوسط الجديد بزعامة إسرائيل، وفي هذا المحور تتربع السعودية والإمارات والبحرين وحفتر ومصر.
وكان يأمل المشاركون في المحور الشرق أوسطي في أحداث صدام سني شيعي يحقق له تفوقه، وقد تم إيجاد بؤر صدام جاهزة لتحقيق ذلك أبرزها "سوريا" و"لبنان"، فيما كان من المتوقع ردا على ذلك وإجهاضا للخطة؛ أن يتم التوافق بين المحورين السني والشيعي من أجل إفشال مؤامرات المحور الشرق أوسطي، إلا أن قمة كوالامبور قامت بسحق كل تلك المحاور الثلاثة واعتمدت محورا واحدا، هو الولاء لاستقلال وتكامل الأمة الإسلامية بشقيها السني والشيعي في كافة المجالات، ما يحقق استقلالها السياسي، والتأكيد على أن قضية فلسطين هى القضية المحورية للعالم الإسلامي، وقربا وبعدا من ذلك يمكنك تصنيف الدول.

قمة الاستقلال

يمكننا ببساطة تعريف قمة كوالالمبور بأنها قمة "الاستقلال" للشعوب الإسلامية من قيود التبعية للخارج، وهو ما يتضح من محور أجندة القمة الرئيسية "دور الرؤى التنموية في الوصول إلى السيادة الوطنية".
وهي المعاني التي عبر عنها جميع القادة المشاركون في القمة، بدءا من كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ التي دعا فيها إلى اعتماد أساليب التفاوض والحوار في حل القضايا العالقة بين الدول ورفض استخدام أساليب القوة والحصار والتجويع وإملاء الرأي، وهو ما يتطلب حدا أدنى من الإجماع على منح صلاحيات أوسع للمؤسسات الدولية التي لا يسود فيها حق الفيتو لهذه الدولة أو تلك.. والرئيس التركي أردوغان الذي انتقد المذابح التي يتعرض لها المسلمون في العالم، وقال إن أكثر من ثلاثة أرباع ضحايا الحروب في العالم مسلمون، وجهر بتكرار الدعوة بأن العالم أكبر من الممثلين الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، والذين لا توجد بينهم دولة مسلمة واحدة.. وكلمة رئيس الوزراء الماليزي الذي قال صراحة إن العالم الإسلامي لا زال تحت الاحتلال الغربي، وكذلك الرئيس الإيراني الذي أكد أن التدخلات الخارجية في عالمنا الإسلامي، بالإضافة إلى التطرف، هي أحد أبرز أسباب معاناة أمتنا.
ومن اللافت أن جميع المداخلات والكلمات أجمعت على ضرورة اعتماد الحوار كوسيلة لحل المشكلات بين الدول الإسلامية، أو بين الدول الإسلامية وباقي دول العالم، وأن القمة ليست موجهة ضد أحد وليست بديلة عن أي منظمات أخرى، في إشارة إلى منظمة التعاون الإسلامي (كما تعتقد السلطات السعودية التي رفضت الحضور وسط مخاوف من سحب القمة لتأثيرها السياسي بوصفها بلاد الأراضي المقدسة) بقدر أنها تهدف لتجاوز معاناة شعوب العالم الإسلامي.
وأعطى حضور 450 من والمفكرين والمثقفين للقمة مؤشرات واضحة بأن الهدف منها هو النهوض العلمي بأمة المسلمين، ومحاولة انتشالها من براثن الجهل الذي يخلق الاحتياج للغرب وما ينتجه ذلك من تبعية.
يجدر بالذكر أن الإسلام يعد ثاني أكبر دين في العالم ويدين به 1.9 مليار، يمثل السنة فيهم 80-90 في المئة (تقريبا 1.5 مليار نسمة) والشيعة 10-20 في المئة تقريبا (170-340 مليون نسمة)، بحسب دراسات دولية حديثة.
ولم يكن مفاجئا أن تعادي بعض الأنظمة المرتمية في أحضان الهيمنة الغربية قمة تسعي لاستقلال العالم الإسلامي، فذلك نشاط متفق تماما مع أدوارها الوظيفية الدولية.
وعلى أي حال، ومهما كانت نتائج القمة وأعداد المشاركين فيها، إلا أنها كانت جرس إنذار قوي موجه للعالم بأن العالم الإسلامي بشخصيته القديمة المستباحة لم يعد مقبولا.
نشر

سيد أمين يكتب: لمحة عن معاناة تلك الفئة



بالطبع يتقاسم مواطن تلك الفئة كل ما يعانيه باقي المصريين، حيث يعيش رحلة مهانة صار الكثيرون يتكيفون ويتعاملون معها، مهانة يتلقاها المهندس والطبيب والكبير والصغير والموظف و"العامل الأجري" وصحيح الجسد ومعتله من قبل رجال الأمن تارة والخارجين عن القانون تارة أخرى، وذلك عند دخوله أي مصلحة حكومية أو رسمية، وقرب الكمائن وأقسام الشرطة حيث يجب عليه أن يتقبل كل ما قد يحدث معه دون حتى أن ينبس ببنت شفة، وإلا لن يرى الشمس ثانية، وكذلك حينما يسير في الشارع أو في منزله أو عمله.

السبت، 28 ديسمبر 2019

مقالات عام 2019



قمة الاستقلال وتكسير المحاور

 الإثنين، 30 ديسمبر 2019 01:13 م بتوقيت غرينتش0
سيد أمين
تعتبر القمة الإسلامية المصغرة التي دعا إليها رئيس الورزاء الماليزي مهاتير محمد وانعقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور في الأيام الماضية، بحضور زعماء أربعة دول وممثلين عن 18 دولة إسلامية، لطمة قوية في وجه سياسة المحاور السائدة في العالم الإسلامي، وهي السياسة التي تذكيها سياسات القوى الإمبريالية الغربية في عالمنا الإسلامي الذي يمثل 24.8 في المئة من سكان العالم، من أجل أن تبقيه رهنا للصراعات الداخلية والمذهبية والفومية والعرقية.
ورغم أن رئيس الوزراء الباكستاني

السبت، 30 نوفمبر 2019

سيد أمين يكتب: العراق.. فخ امريكي لايران




الجمعة، 29 نوفمبر 2019 :
يبدو أن ايران سقطت في الفخ الذي رسمته لها أمريكا قي العراق بعد أن احتلته عام 2003 ، حينما أشركتها واشنطن النفوذ في هذا البلد الثري الذي ناصبهما العداء لعقود، مقابل وقف دعوتها للشيعة العراقيين للانخراط في المقاومة العراقية التابعة لنظام صدام حسين ، أو حتى عدم مساندة المقاومة التي ابداها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في مدينة النجف أنذاك.
الفخ الذي سقطت فيه ايران هو أنه بدلا من أن تستثمر نفوذها الدينى والسياسي وحتى العسكري للمساهمة في صناعة دولة حضارية متسامحة مرفهة تكون عنوانا مشرفا لإيران ولأصدقائها في العراق، تماهت أو حتى اكتفت بالصمت عن تحويل العراق إلى مقتلة طائفية كبيرة ، تؤلب صراع المذاهب في الوطن العربي بأكمله وهو ما خصم منها رصيدا كبيرا كان يكنه لها كثير من العرب السنة بصفتها أحد ركائز محور المقاومة ضد النفوذ الصهيو امريكي، فخسرت أصدقاء كثر في الوطن العربي اعتقدوا أن مصدر داء العراق ليس الغزو الامريكي وويلاته فقط بل النفوذ الايراني فيه.
مؤشرات موجعة
وكذلك لم تعمل ايران – عبر نفوذها- على مكافحة الفساد في هذا البلد الذي جعله كأحد أغنى بلدان العالم نفطيا يعيش أزمة في الكهرباء يخرج الناس للتظاهر ضد انقطاعها المستمر في الصيف، وهو ما لم يكن يحدث حتى في ظل الحرب العراقية الايرانية أو الحصار الغربي الذي فرضع لى هذا البلد بعد ذلك ، فضلا عن تصدره كل قوائم العالم في مؤشرات الفقر والفوضي والقهر والبؤس والبطالة والجوع والمرض والفساد والجهل والاقصاء، وصار مضربا للأمثال السيئة لدى بلدان عربية – كمصر مثلا – التي كان يتطلع شعبها ذات يوم لأن يعيش رفاهية شقيقة في بغداد، وذلك بعد أن كان يتصدر قوائم الرفاهية والرعاية الصحية ومكافحة الفساد والتعليم والقوة العسكرية وغيرها في زمن صدام حسين.
كل ذلك جعل الكثير من العراقيين يحنون لزمن صدام حسين حتى من قبل أشد الكارهين له ويتذكرون عهده بكل حب وامتنان.
النفوذ الروحي
بالقطع ساهمت امريكا في تعميق كل المسالب التي يعيشها العراق بعد 2003 بهدف دفع العراقيين للثورة على النفوذ الايراني وتجريدها من نفوذها الروحي في نفوس الطائفة الشيعية من جهة ومناصبة السنة العداء لها بسبب الاعدامات والاغتيالات وقوانين المحاصصة والاقصاء التي بدأت بقوانين “اجتثاث البعث” وغيرها.
كل تلك الفخاخ الامريكية أتت ثماره فأنجبت الحراك الذي يشهده العراق حاليا حيث أن المدن ذات الاغلبية الشيعية هى من بدأت بالحراك وهى الأكثر اشتعالا، بل أن المتظاهرين اقتحموا القنصلية الايرانية في أكثر مدن العراق قداسة دينية للطائفة الشيعية ورفعوا عليها العلم العراقي عليها لساعات، وحاولوا تغيير اسم شارع يسمى باسم المرجع الاعلى للثورة الاسلامية في ايران “الخوميني” إلى اسم شارع الشهداء ، وما في ذلك من دلالات قوية.
تساؤلات ملحة
بلا أدني شك أن الحراك الشعبي في بلدان الهلال الشيعي “العراق ولبنان ومن قبله السوري الذي انضم بالولاء السياسي وليس بعدد السكان” له ما يبرره ، وأنه تفجر بنوازع شعبية خالصة، وأن محاولات البعض وصمه بالممول هى محض افتراء ، ولكن ومع ذلك تبقى تساؤلات مهمة حول تزامن تفجر الحراك في العراق ولبنان ، وحول اهتمام دول داعمة على طول الخط للثورة المضادة كالسعودية والامارات والبحرين ومصر للحراك في هذين البلدين – ومن قبلهما السوري قبل أن تكشف عن زيف نواياها مؤخرا – وقيام وسائل اعلامهم بفرد مساحات اعلامية كبيرة لتغطيته ، وهو ما يوجب على المتظاهرين توخي الحذر في أن يتم توجيههم إلى وجهات تفيد مصالح تلك الدول في صراع المحاورفي المنطقة العربية، وهو ما يتعارض بالتأكيد مع مصالح الثورة التي ينشدونها.
وأيضا هناك تساؤلات حول السر الذي دفع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي للتأكيد قبل تفجر الحراك بأيام “أن العراق لن يدخل في سياسة المحاور الدولية”، وهل يعد ذلك ارضاء لأمريكا على حساب ايران؟ ، أم أنه فقط ذرا للرماد في عيون الحساد؟ ، أم أنه كان تمهيدا لما هو أت؟.
ظهور البعث
وما دلالة لقاء أجرته قناة RT الروسية مايو الماضي مع قيادي بعثي عراقي يكنى ابو الحسن طالب فيه عزة ابراهيم الدوري نائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأمين عام القيادة القطرية لحزب البعث العراقي بالتنحي لشباب الحزب والتصالح مع ايران وحزب الله لخوض غمار حرب التحرير ضد النفوذ الامريكي ، وموضحا في الوقت ذاته بأن صدام حسين تصالح مع ايران قبل سقوط حكمه بايام وجرى تبادل زيارات بين بغداد وطهران سرية وعلنية قبل وأثناء العدوان الامريكي عام 2003 ، ومذكرا بأن من غزا العراق ليست ايران ، ولكن امريكا وحلفائها ، وأن ايران وجدت امرا واقعا تعاملت معه.
يطرح اللقاء تساؤلات حول مغزى هذا الظهور، وهل هو لخطة فعلا كانت طهران تخطط لها باعادة البعث العراقي للعمل ؟، أم ان اللقاء كان استباقا لخطة امريكية في نفس هذا السياق؟.
……
العرب يتضامنون بشدة مع شعب العراق الذي ذاق الويلات في العقدين الاخيرين ويتمنون له ان ينال حريته دون أن يقع فريسة مجددا للمؤامرات الدولية وصراعات المحاور.

الخميس، 28 نوفمبر 2019

سيد امين يكتب: وصفة سحرية وراء إقلاعي عن التدخين!

بالطبع كل من حاول الإقلاع عن التدخين مر بمرحلة استخدام السيجارة المزيفة التي تعطى نكهة ومذاقا مزيفا أو منفرا، والسيجارة خفيفة النيكوتين والقطران، أو لجأ إلى التقليل التدريجي لعدد السجائر التي يدخنها يوميا، أو حتى اللجوء لتدخين "الشيشة"، وأيقن أنها تجارب موغلة في الفشل.


الأحد، 13 أكتوبر 2019

سيد أمين يكتب : وجهة نظر أخرى حول حرب اكتوبر



ونحن نعيش أجواء انتصارات الماضي في جو من انتكاسات الحاضر، لم يعد خافيا على أحد أن ما تحقق من انتصارات في تشرين الأول/ أكتوبر 1973، بسواعد الأبطال من جنود وضباط وجبهة شعبية عربية واسعة ومتلاحمة امتدت من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، تحول بقدرة يد مقتدرة إلى

الجمعة، 11 أكتوبر 2019

سيد أمين يكتب : تطبيقات عربية حول نظرية البصق في الطعام


اقرأ المقال على الجزيرة نت
أحيانا تعبر سلوكيات بسطاء الناس عن معانٍ ومدلولات عميقة ربما لا نصدق أنها هى ذاتها تطبق في أدق نظريات الادارة السياسية الرائجة في العالم، من تلك السلوكيات لجوء بعضهم لـ "البصق في الطعام" حينما يكون في حالة منافسة حامية مع أخرين للانفراد به، مدركا أنه بهذا التصرف المقزز
سيكسب المعركة بشكل نهائي وبأقل جهد ويخلو له الطعام بلا منازع.
كان يفعلها أيضا الشباب في أوائل القرن الفائت حينما كانوا يقومون ببتر أطرافهم لصناعة عاهة مستديمة تحول دون تجنيدهم إجباريا لخدمة الانجليز في الحربين العالميتين.
هذا السلوك -وبصورة مغايرة - سبقهم إليه العبد الصالح في السفينة التي خرقها كي يعيبها، مع فارق جوهري هو أنه خرقها لحمايتها وإبقائها لأصحابها المساكين بدلا من أن يستولى عليها الملك الظالم، وليس لكي يستولي هو عليها.

ترمب والسعودية
لكن بقليل من التمعن ستجد أن هذا السلوك يفعله الكثيرون من قادة وسياسيي العالم أيضا، ففي مواجهة المتأففين من سياساته سواء من داخل حزبه الجمهوري أو من المعارضين الديمقراطيين ، لجأ الرئيس الامريكي دونالد ترمب لاتباع تلك السياسة حينما حول عمليات استنزاف أموال بعض دول الخليج العربي لا سيما المملكة العربية السعودية من عملية روتينية تجري منذ عقود في سرية ويستفيد منها أي حاكم أمريكي سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا مقابل الصمت عن استبدادها وانتهاكاتها لحقوق الانسان ، إلى عملية علنية لا يصح بعد افشائها الابقاء عليها إلا في وجوده، وإذا اختفى فإنه لا يصح لمن يأتي بعده من دعاة الديمقراطية الابقاء على رموز تلك النظم في الشرق الأوسط مع المحافظة على تلك الشعارات التي يرددها ، خاصة مع قوله أنها لا تستطيع أن تحافظ على وجود حكمها لمدة أسبوع واحد دون الدعم الأمريكي، ما يعني أن بقاء هذه الكراسي هو قرار أمريكي خالص، خاصة أنها هى من تقمع الناس وتقطع أوصال من يختلف معها في الحرم الدبلوماسي الخاص بسفاراتها كما فعلت مع خاشقجي.
ترمب قصد بذلك وضع من يأتي بعده بين خيارين، إما فقدان هذه الرافد الهائل من الأموال والانتصار للقيم الامريكية المعلنة الداعمة لحقوق الانسان، وهو خيار صعب، أو أن يسلك ذات المسلك ويلقي بالشعارات التي يتم تسويقها للناس في سلة القمامة، وهو المرجح.
ذات الطريقة استطاعت بها الولايات المتحدة الايقاع بالاتحاد السوفيتي، حينما استطاعت تجنيد قيادات في الدولة الشيوعية كجواسيس ليقوموا بتعيين الأقل كفاءة على رأس المؤسسات، وهى السياسة التي أدت في النهاية لانهياره دون قتال.

البصق السعودي في اليمن
السعودية من جانبها راحت تطبق ما طبقه عليها ترمب ولكن على اليمن وجماعة قبلية فيه، فبعدما فشلت وحلفائها الإماراتيين والغربيين في الاستيلاء على كل اليمن في حرب غير متكافئة دامت خمس سنوات بدعوى الدفاع عن شرعية الرئيس عبد ربه هادي ضد مهدديها الحوثيين، راحت توعز لمقاول الاعمال القذرة "الامارات" لتعصف ميليشياتها بشرعية هادي وجيشه والاستيلاء على الاراضي التي كانت تسيطر عليها قواته تمهيدا لتقسيم اليمن والاستيلاء على جزء منه.
البصق السعودي في اليمن يتمثل في مبدأ يقوم على نظرية تخريب اليمن وفي حال العجز عن الاستيلاء عليه كاملا ينبغي تقسيمه والاكتفاء بالسيطرة على جزء منه عبر حكومة تدين بالولاء لها خاصة أن الجزء المسيطر عليه هو مدينة تطل على رأس "باب المندب" لما يمثله من من موقع استراتيجي.

تخريب مصر
الفكرة نفسها يمارسها أيضا رأس السلطة في مصر، ولكن بطريقة عكسية، حيث أثقل كاهل البلد بالديون والأعباء والالتزامات الدولية والداخلية التي تجعل من الشاق على من يأتي بعده أن يستطيع ادارتها أو يفي بتلك الالتزامات، خاصة أن الدين الخارجي تضاعف لما يقترب من الأربعة أضعاف، والدين الداخلي اقترب من الأربعة تريليونات وتضاعف أيضا ثلاثة أضعاف ما كان عليه، وخدمة الدين تلتهم أكثر من ثلثي الموازنة.
كما التزم بالتزامات دولية متنوعة ما كان يستطيع أي حاكم مصري أخر الموافقة عليها لكونها تجور على حقوق المصريين، كالتنازل عن جزر تيران وصنافير، وتوقيع صفقة القرن وسد النهضة وتوطين اللاجئين والحد من الهجرة غير الشرعية لأروبا ودفن النفايات النووية، والتوجه نحو الفاشية العلمانية تحت شعار "تغيير الخطاب الديني" - الاسلامي فقط - وتغيير هوية الدولة العربية والاسلامية وتغيير العقيدة الحربية للجيش وغيرها.
بذلك ضمن أنه لا يمكن لطامح أن يقترب من كرسي الحكم مع كل هذا الخراب حتى لو كان مرضي عنه غربيا، وكذلك يصعب على الغرب التفكير في تغيير رأس الحكم في مصر مع كل هذه الوعود التي ما كان يحلم أن يأتي من ينفذها له في مصر.
وقد عبر السيسي نفسه عن تلك السياسة حينما قال موجها كلامه لمعارضيه يحثهم على الاستسلام لإدارته بأن مصر من بعده لن تصلح له ولا لهم.

البصق في القطاع العام
النظرية طبقها أيضا مبارك وسابقه السادات لتبرير بيع القطاع العام بثمن بخس، خضوعا لما يقال إنها شروطا سرية لاتفاقية كامب ديفيد تقضي ببيع القطاع العام من أجل حرمان الجيش من الرافد المالي الوطني الذي يغذيه واخضاعه لرحمة المعونة العسكرية الامريكية.
خطة البصق في القطاع العام كانت تتم عبر تغيير قيادات الشركات العامة الناجحة واستبدالهم بآخرين فاسدين ومتأمرين مع تعميم سياسة اقصاء الكفاءات داخلها واستبدالهم بقليلي الخبرة.
​لكن ​المؤسف أن بصقات ترمب كانت من أجل رفاهية بلاده، بينما بصقات من يدعون أنهم من بني جلدتنا هي من أجل زيادة معاناة بلادنا.